الدَّولة العبّاسيَّة في عهد الخليفة المكتفي باللّه عليٍّ بن أحمد (289-295هـ/902-908م)

Thumbnail Image
Date
2021-06-24
Authors
بشارات, شافي عبد اللّطيف محمد
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
جامعة النجاح الوطنية
Abstract
وُلِدَ المكتفي باللّه، أبو محمد، علي بن أحمد المعتضد باللّه سنة 264هـ/877م، ونشأ في كنف والده وجدّه الموفّق باللّه اللذين خصّصا لتأديبه ابن أبي الدنيا، أحد خيرة علماء عصره، ما أكسبه درجة ثقافية وأدبية رفيعة، ورُزِقَ بغير ابن، كان لهم أدوار مهمّة في التّاريخ العبّاسي السِّياسي والحضاري. وحرص المعتضد باللّه على إشراك ولده علي في شؤون الحكم والإدارة؛ وبخاصّة بعد أن عهد إليه بولاية إقليم الجبال، ومن ثمّ ولاّه قنسرين والعواصم والجزيرة، وعُقِدَت بيعة الخلافة له عند وفاة والده سنة 289هـ/902م، إلّا أنّه ورث دولة تعاني من خطر الحركات الانفصالية، فحاول جاهداً استعادة وَحدتها، وكان إنجازَه الأبرزَ في هذا المجال إعادةُ بلاد الشّام ومصر إلى حوزة الدَّولة. واستهلّ المكتفي باللّه عهده بالتخلّص من القائد بدر المعتضدي، وشهدت ولايات الدَّولة العبّاسيَّة اندلاع عديد من الثَّورات التي غلب عليها طابع الضعف، باستثناء ثورة الخليجي في مصر، وكانت خلافة المكتفي باللّه شاهدة على السنوات الأخيرة من عمر الدعوة الإسماعيليَّة، وفشلت جهوده في إلقاء القبض على إمام هذه الدعوة عبيد اللّه المهدي، الذي تمكّن من الهرب من سلمية إلى بلاد المغرب، حيث أعلن قيام الدَّولة الفاطمية سنة 296هـ/909م، وانفرد زكرويه وأولاده بزعامة قرامطة العراق والشّام، وقد فجّر الأخير، مستعيناً بأولاده ودعاته عديداً من الثَّورات التي لاقت جميعها فشلاً ذريعاً، بعد أن قُتِلَ جميع قادتها بما فيهم زكرويه، في حين حقّق قرامطة البحرين نجاحاً لافتاً بقيادة أبي سعيد الجنابي الذي تمكّن بعد سنة 290هـ/903م من الاستقلال ببلاد البحرين، وعلى الرّغم من النجاح الذي حقّقته الدعوة الإسماعلية في بلاد اليمن خلال عهد المكتفي باللّه، إلّا أنّها ما لبثت أن فقدت إنجازاتها بعد أن انقلب عليها الداعية الإسماعيلي علي بن الفضل سنة 297هـ/910م. وكحال أسلافه أقرّ المكتفي باللّه سيادة السّامانيّين على مناطق نفوذهم، وبدروه حرص إسماعيل بن أحمد السّاماني على تعزيز علاقته بالخلافة العبّاسيَّة، وفيما يتعلّق بالدَّولة الطّولونيَّة، فما أن دبّ الوهن في كيانها حتّى رأى المكتفي باللّه في ذلك فرصة للقضاء عليها سنة 292هـ/905م، ودفع تعاظم نفوذ داعي الدعاة أبي عبد اللّه الشيعي في بلاد المغرب الأمير الأغلبي زيادة اللّه الثّالث إلى تعزيز علاقته بالخلافة العبّاسيَّة؛ أملاً في الحصول على مؤازرتها في مجابهة خطره. وجرّدت خلال خلافة المكتفي باللّه غير حملة عسكريَّة عباسية بيزنطية متبادلة، وشكّل الانتصار الأبرز في هذا المجال قيام البحرية الإسلاميَّة بشنّ حملة ناجحة على مدينة سالونيك سنة 291هـ/904م، وسعى الطرفان غير مرّة إلى عقد اتفاقيات تبادل للأسرى، سنة 292هـ/905م، وسنة 295هـ/908م، وعلى الصعيد الخارجي أيضاً، استقبل الخليفة سفارة من الأميرة بيرثا الكارولونجية سنة 293هـ/906م. ومن ناحية أخرى، فقد تعاقب على منصب الوزارة في عهده كلّ من القاسم ابن عبيد اللّه، ثمّ العباس بن الحسن، اللّذان تمتّعا بنفوذ كبير، وأسهما باقتدار في إدارة شؤون الدَّولة، وأدّى الجيش مهامّه العسكريَّة بكفاءة، دون أن يكون له أيّ دور في الحكم، وشهد عهد المكتفي باللّه تولية عدد من القضاة الأكفاء الذين أسهموا في إضفاء صفتَي النزاهة والاستقلاليَّة على مؤسَّسة القضاء. وحول ولاية عهد الخليفة؛ فإنّه كان قد أوصى قبيل وفاته سنة 295هـ/908م بولاية عهده لأخيه جعفر، فكان له ذلك. وأخيراً، فقد انتهج المكتفي باللّه سياسة ماليَّة قائمة على ضبط الموارد والنفقات، فانتعشت خزينة الدَّولة، وازدهرت الأحوال الحضاريَّة.
Description
Keywords
Citation
Collections