مؤتمر كلية الشريعة الدولي السابع: التعليم الشرعي وسبل تطويره
Permanent URI for this collection
Browse
Browsing مؤتمر كلية الشريعة الدولي السابع: التعليم الشرعي وسبل تطويره by Author "بناني, عبد الكريم"
Now showing 1 - 1 of 1
Results Per Page
Sort Options
- Itemالوَقفُ التعليمي وأثرُه في دعمِ التعليمِ الشرعي وتطويره(2017-09-20) بناني, عبد الكريمالحمد لله الذي أنقذنا بنور العلم من ظلمات الجهالة، وهدانا بالاستبصار به عن الوقوع في عماية الضلالة ونصب لنا من شريعة سيدنا ومولانا محمد أعلى علم وأوضح دلالة، وبعد، فإن نظام الوقف من الأنظمة المالية الإسلامية التي اعتنى بها المسلمون عناية فائقة في كل مكان وزمان، منذ عهد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعبر العصور المتوالية، فقد ظل المسلمون في مختلف عهودهم ومستوياتهم الاجتماعية يحرصون على وقف ممتلكاتهم والتسابق إلى تحبيس شيء منها في سبيل الله، من أجل صرف ريعها ومدخولها المالي في وجوه البر والإحسان وإقامة شعائر الدين الإسلامي، وتحقيق المنافع العامة للمسلمين، ويعتبرون ذلك من الأعمال الصالحة التي تقرّب إلى الله ومن الصدقة الجارية التي شرعها الإسلام ورغّب فيها الرسول الكريم والتي يبقى أجرها خالدا وثوابها مستمرا بعد حياة الإنسان مصداقا لقوله تعالى:﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ . وارتباطا بهذا الأساس الديني القويم في مشروعية الوقف ومقاصدِه الحميدة، وغاياتِه ومرامِيه النبيلة، كانت الأمّة الإسلامية في سائر عهودها المتواصلة، وعلى اختلاف شرائحها الاجتماعية ومستوياتها المادية والفكرية لأفرادها يبادرون إلى التعاون على البر والتقوى، ويسارعون إلى الخيرات والمَكرُمات، والقيام بما يصلح أحوالهم ويسعدهم في دنياهم وآخرتهم. فكان الناس يحبّسون شيئا من ممتلكاتهم الخاصة من دور وأراضي وحوانيت ورباع ليصرف مدخولها في تشييد المساجد وإقامة شعائر الدين الذي جعله الله قَوام وصلاح هذه الأمة، ويتحقق بذلك النفع العام للمؤمنين الصالحين ويولون الوقف رعاية خاصة من خلال حسن إدارته وتسيير رباعه وتطوير منظومته التشريعية لتتماشى مع مستجدات ومتطلبات العصر، فأسهمت هذه الأوقاف في خلق تجربة فريدة شملت مناحي الحياة المتعددة واستطاعت أن تلامس واقعَ الناس في مستويات متعددة ومتنوعة، منها: العلمية والثقافية بإنشاء المكتبات العلمية وتحبيس الكتب على المكتبات ومساعدة الطلبة على تحصيل العلم ببناء المعاهد الشرعية، والإنفاق على الطلبة الوافدين من الخارج للدراسة بالمعاهد، وغير ذلك من الأوقاف التي اعتنت بجانب التعليم الشرعي بقصد تطوير منظومته ليساير المستجدات ويواكب التطورات. أهمية البحث تنبع أهمية تناول الوقف في جانبه التعليمي والثقافي في كونه يمثل مدخلا أساسيا لفهم التطور الحضاري الذي عرفه الفكر الإسلامي الذي أسهم الوقف في تطويره وتنميته، حيث برز التنوع الوقفي كمنهج حضاري يؤكد رقي التجربة الإسلامية التي أخذت أبعادها العالمية في تمثّلات التجارب الغربية التي اقتبست من نور الوقف الإسلامي بمسمّيات متنوعة ومختلفة ترتبط بنفس البعد الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، مثل مؤسسات American Endowment Foundation و Trust Foundation وChildren's Trust ، وهي مؤسسات عالمية "تقوم على وجود مال دائم يستثمر والعائد منها ينفق على الأعمال الخيرية وإن كانت تختلف عن الوقف في بعض جوانبها" ، إلا أنها اقتبست من المنهجية الإسلامية، ومن التنوع الوقفي الإسلامي الذي شمل مجالات متعددة. لذلك تكمن أهمية الموضوع في تركيزه على بعدٍ فكري يبين أهمية التجربة الوقفية الإسلامية، وبعدها الحضاري من خلال تأثيرها في المنظومة التعليمية الشرعية، وهو البعد الذي أغفلته التجربة الغربية في اقتباسها للوقف الخيري الإسلامي.