نشاة العلوم الشرعية وتطوير طرق تدريسها " علم الدعوة ومناهجها نموذجا "
No Thumbnail Available
Date
2017-09-20
Authors
أميمة, رزاقي
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
Abstract
الدعوة إلى الله من أهم الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى ربه، لأنها في حد ذاتها مهمة الأنبياء والمرسلين، توارثها المسلمون عنهم وأصبحت لهم سمة بارزة ينفردون بها عن غيرهم من الأمم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، بالإظافة إلى كونها فرض كفاية وجب القيام بها على الوجه المنوط بها، يحمل مشعلها فرقة من المسلمين العالمين العارفين المتفقهين في الدين، مصداقا لقوله تعالى ﴿فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون﴾ التوبة/122 ، هذه الفرقة المسلمة المكلفة بحمل مشعل الدعوة والصدح بها في العالمين، إعادةً لبعثه بين المسلمين وإحيائه، وكذا ايصاله لغير المسلمين والصدح به بينهم على بينة وحجة وبرهان؛ يحصل به الإدراك التام للعقل بما تدعو إليه، لكي يتحقق ذلك فيها يجب أن تكون على قدر كبير من اليقين والحماس والوعي، والمعرفة بالوظيفة التي ستقوم بها، تتزود بعلم الدعوة التي تدعو إليها على بصيرة.
و يعتبر علم الدعوة ومناهجها من أهم العلوم الشرعية، ولكنه علم ناشئ لم تتضح معالمه ولم تضبط مصطلحاته بعد، بالرغم أن المكتبة الإسلامية تزخر بالمصنفات والمألفات العالية الجودة في موضوع الدعوة، ولكن علم الدعوة كعلم قائم بذاته لم ينل الحظ الوافر من ذلك، فقد كان من الواجب الإهتمام به ليتوافق مع متطلبات العصر ومقتضيات الحياة العامة؛ نظرا للأهمية التي يكتسيها كونه العامل الأساسي في الحفاظ على الدين بين معتنقيه ونشره بين غيرهم. الأمر الذي جعل الباحثين والعلماء يتوقفون عنده باعتباره ضرورة لصيرورة الدعوة إلى الله.
خاصة وأن معيار نجاح الدعاة إلى الله يتوقف على مدى تحصيلهم للعلوم وتزودهم بها، هذه العلوم والمعارف التي توقظ هممهم وتحيي عقولهم وتسمو بأفكارهم وترققي بمستواهم؛ ما يجعلهم أعلى كعبا وأوسع ثقافة وأفتح فكرا، وأدق فهما، ولكن لا يتم ذلك إلا بتطوير مناهج تدريس هذه العلوم، وخاصة تلقين وتدريس علم الدعوة في حد ذاته بما يكيفه مع أليات الحياة الراهنة ومقتضيات الشريعة ، خاصة مع ظروف اصطدام حملة هذا العلم بالتيار العلماني التغريبي المتمكن في كل النواحي، الأمر الذي يفرض تطوير أساليب تدريس العلوم الشرعية، ومنها علم الدعوة ليتوافق مع متطلبات العصر.
نظرا للأهمية التي يكتسيها علم الدعوة والتحديات التي تواجه حامليه ، فقد لقي إهتماما كبيرا من الباحثين والعلماء والمفكرين مؤخرا، الذين هبوا للبحث في طرق تطوير أساليب تدريسه وتلقينه لحامليه، فتنوعت الآراء واختلفت؛ لحماية الأمة من الإنزلاق في غيابات المتاهات التي يجرها إليها التيار العلماني التغربيبي، والأنظمة الهدامة التي استهدفت التعليم في بلداننا العربية الإسلامية وخاصة العلم الشرعي.
ولتفادي هذه المخاطر والوصول بعلم الدعوة إلى المستوى المطلوب استدعت الضرورة اعداد الدراسات والبحوث والتخطيط المحكم، للرقي بأساليب تدريس علم الدعوة لحَمَلَته، وهذا ما جعل جامعة النجاح الوطنية تشرف على ادارة مؤتمر العلم الشرعي وسبل تطويره، كمبادرة سنتها لنفسها خدمة للأمة والدين والوطن، الأمر الذي جعلنا نقف وقفة تأمل ثم اجتهاد للرقي بأساليب تدريس علم الدعوة ، ولتَّقليل من المعيقات الخارجية التي أصبحت تقف في وجه العلم الشرعي، من خلال اعداد هذا البحث الذي حاول إيجاد أرضية جيدة تعنى بتطوير أساليب تدريس علم الدعوة حيث تضمن عنصرين هما: مفهوم علم الدعوة ونشأته وأهميته، والثاني تطوير طرق وأساليب تدريس علم الدعوة. وذلك للإجابة على السؤال التالي : كيف يمكن تطوير أساليب تدريس علم الدعوة ومناهجها لتتماشى مع روح العصر؟.