الوقوفُ الطلليُّ مِفتاحًا: قراءةٌ في النسقِ المضمرِ لنماذجَ مختارةٍ من الجاهليّةِ حتّى نهايةِ العصرِ العبّاسيِّ
No Thumbnail Available
Date
2025-10-28
Authors
محمّد باسل قادري
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
جامعة النجاح الوطنيّة
Abstract
سعى هذا البحث إلى تحليل الوقفة الطلليّة في الشعر العربيّ القديم في نماذج مختارةٍ من الجاهليّة حتى نهاية العصر العباسيّ، بوصفها بنيةً ثقافيّةً نسقيّةً مضمرة، تتجاوز وظيفتها التقليديّة بكونها مقدّمةً إنشائيّةً افتتاحيّة، لتكون مفتاحًا تأويليًّا يمثّل مدخلًا لفهم النسق العميق الذي تنتظم حوله القصيدة العربيّة. وافترض أنّ الطلل ليس مجرّد صورةٍ شعريّةٍ تتكرّر بلا وعيٍ، بل هو نسقٌ ثقافيّ نشأ في حضن السلطة والحضارة، ويُعاد إنتاجه شعريًّا بوظائف دلاليّةٍ تتبدّل بحسب تغيّر موقع الشاعر من النظام الاجتماعيّ والثقافيّ والسياسيّ.
وانطلق البحث من إشكاليّةٍ جوهريّةٍ تتعلّق بقراءة الوقفة الطلليّة بوصفها نسقًا مضمرًا يعكس تحوّلات العلاقة بين الشاعر وغرضه، وبين الذات والهويّة، وبين النصّ والسياق، وتتفرّع عن هذه الإشكاليّة أسئلةٌ تتّصل بتعدّد دلالات الطلل، وتحوّلاته بين الشعراء والعصور، وبالوظيفة التأويليّة التي تؤدّيها هذه الوقفة في بناء المعنى الشعريّ وتوجيهه.
واعتمد البحث المنهج التحليلي، الذي يتتبّع البنية اللغويّة والفنيّة للوقفة الطلليّة داخل النصوص الشعريّة المدروسة، وعلى المنهج النسقيّ الثقافيّ، الذي وضعت أطره التنظيريّة في الفصل الأوّل، ومنه جرى تفكيك علاقة الطلل بالسياقات الكبرى التي تحكم إنتاج المعنى، كالسلطة والهوية والزمن والمركز الحضاريّ، مع اعتماد مفاهيم مثل النسق، والتكرار، والتشابه، والاختلاف، وإعادة الإنتاج.
وانقسم البحث إلى أربعة فصولٍ رئيسة، بدأت بتأصيل مفهومي "النسق" و"القراءة النسقيّة"، ثمّ تناولت تحوّلات الطلل بين الشعراء والعصور والحضارات (الاختلاف الكُبار والأكبر)، ثم داخل العصر الواحد (الاختلاف الكبير)، ثمّ في تجربة الشاعر الواحد (الاختلاف الصغير)، مع تطبيقاتٍ خاصّةٍ على نماذج شعريّةٍ مختارة، أبرزها نماذج امرئ القيس.
وتوصّل البحث إلى أنّ الوقفة الطلليّة تمثّل نسقًا ثقافيًّا مضمرًا، نشأ في سياق حضاريّ متّصل بالسلطة والمركز، وظلّ يُعاد إنتاجه شعريًّا بوظائف دلاليّة متحوّلة، تُوجّه المعنى، وتكشف موقع الشاعر من الزمان والمجتمع والهوية، وبيّن البحث أنّ الطلل لا يُفهم بوصفه تقليدًا بلاغيًّا ثابتًا، بل بوصفه بنيةً تأويليّةً متحوّلة، تتجلّى على أربعة مستوياتٍ من الاختلاف: داخل تجربة الشاعر نفسه، وبين الشعراء في العصر الواحد، وبين العصور المختلفة، ثمّ بين البيئات الحضارية المترامية، ما يدلّ على مرونة هذا النسق وقابليّته للتكيّف مع التحوّلات الثقافية والسياسية، وأظهر البحث أنّ القراءة النسقيّة التأويليّة قادرةٌ على استخراج الوظيفة العميقة للطلل، وإعادة بناء فهمنا للشعر العربي القديم بوصفه خطابًا ثقافيًّا، لا محض فنٍّ بلاغيٍّ أو إنشاءٍ تقليديٍّ يُتجاوَز عنه في القراءات الثقافيّة.