القتل على جريمة الشرف

Thumbnail Image
Date
2015-06-03
Authors
حافظ الشريدة, محمد
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
Abstract
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} . أما بعد: فقد صان الإسلام الأعراض والأموال، واعتبرها محصنة ومحرمة بين المسلمين إلا بحق الله تعالى فعنعَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ " أَنّ رَسُولَ اللِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " المُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ ، لَا يَظْلِمُهُ ، وَلَا يُسَلِمُهُ ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ ، كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ " . ( وسدّ الشرع كل الطرق الموصلة إلى ارتكاب جريمة الزنا، وفتح كل الأبواب المؤدية إلى العفاف، وأوجب العذاب الأليم للداعين للفاحشة، فقال سبحانه وتعالى:(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) كما أن الشرع حفظ المجتمع من الألسنة التي تخوض في الأعراض بالباطل، واعتبر الاتهام بلا دليل شرعي قذفاً للمحصنات الغافلات يستوجب الحد الشرعي. قال تعالى: " وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ومن صون الأعراض في الشريعة أن يسّرت مسالك الزواج، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ ، إِلا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ " ونظراً لخطورة جريمة الزنا على الفرد والمجتمع، شدد الإسلام في طريقة إثباتها، فإن لم يكن الاعتراف، سيد الأدلة، فتثبت بالشهود الأربعة العدول الذين تتفق شهادتهم على ارتكاب الجريمة. ومن ثم كان العقاب زاجراً، فالحدود زواجر وجوابر، فعقوبة الزاني غير المحصن ذكراً وأنثى، الجلد مائة، قال تعالى:) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) . وما يفعله بعض الناس من المسارعة إلى قتل المرأة الزانية، إزهاق للروح الإنسانية دون مسوّغ شرعي، وارتكاب لجريمة فظيعة، لأن الغالب قتل المرأة البكر غير المحصنة، وهذا ظلم وحرام وجريمة، واعتداء صارخ على نفس إنسانية صانها الشرع، فقال سبحانه وتعالى: " وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ) وهذا تعدّ على حدود الله تعالى، قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) . وقد تكون المرأة الزانية حاملاً، فقتلها يؤدي إلى جناية أخرى على الجنين في رحمها عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ " أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتْ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ حُبْلَى مِنَ الزِّنَا ، فَقَالَتْ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ ، فَدَعَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِيَّهَا ، فَقَالَ : أَحْسِنْ إِلَيْهَا فَإِذَا وَضَعَتْ فَأْتِنِي بِهَا ، فَفَعَلَ فَأَمَرَ بِهَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا ثُمَّ أَمَرَ بِهَا ، فَرُجِمَتْ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : تُصَلِّي عَلَيْهَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَقَدْ زَنَتْ ، فَقَالَ : لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ ، وَهَلْ وَجَدْتَ تَوْبَةً أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ تَعَالَى ؟ فالذي يقيم حد جريمة الزنا هو الحاكم المسلم، وليس الأفراد، وفي أخذ الأفراد إقامة الحد بأنفسهم مدعاة للفوضى كما أنه غالباً ما تُقتل النساء بالشبهة التي تقل درجات عن جريمة الزنا، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. ادرؤوا الحُدود بالشُبَهات ، وأقيلوا الكرام عَثَراتهم إلاّ مِن حدٍّ ... إلاّ في حدٍّ من حدود اللّه وإن كانت جريمة الزنا استهتاراً بالأعراض، فالقتل على خلفية الشرف هو استهتار بالأرواح. وفي المقابل شرع الإسلام الزواج وجعله طريقاً لإنجاب النسل ووسيلة صالحة لرعايته والقيام بتربيته تربية صالحة. وهو مع هذا يقفل جميع الطرق التي تناقض أو تعارض ذلك الطريق. ومنها تحريم الزنا تحريماً مؤبداً مع وصفه بأنه أسوأ سبيل، لأنه يعارض السبيل المستقيم، وتوعّد فاعله بالعقاب الأليم في الآخرة وشرع له أشد الزواجر بالرجم أو الجلد مائة جلدة، وهي أقسى العقوبات التي شرعت لعذاب الدنيا. وجريمة الزنا، جريمة اجتماعية، تترتب عليها آثار سيئة، من اختلاط الأنساب وإثارة الأحقاد، وانتشار الأمراض وجلب العار ...، مما يدفع ولي الأمر في كثير من الأحيان إلى التخلص من آثار الجريمة بطرق بغيضة، كالقتل مثلاً.
Description
Keywords
Citation