زكاة مخصصات التقاعد والتوفير ومكافأة نهاية الخدمة

Loading...
Thumbnail Image
Date
2011-04-28
Authors
الشيخ محمد أحمد حسين
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
Abstract
<p>الحمد لله، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، والهادي إلى صراطه المستقيم، وعلى آله وصحبه، ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد؛<br /> فقد قال الله تعالى في محكم كتابه: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}( )، وقد ورد أنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذاً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ: «ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ»( ).<br /> لقد فرض الله سبحانه وتعالى على المسلمين فريضة الزكاة، وجعلها ركناً من أركان الإسلام، لحكم عظيمة وغايات نبيلة، تتمثل في تطهير النفوس وتزكيتها من الشح والبخل، وتعويدها على حب السخاء والعطاء، والبذل والإنفاق، كما أن فريضة الزكاة تنشر مبدأ التعاون والتكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع الإسلامي، لأن تقديم الزكاة من قبل الغني يعين الفقير، ويسد بعض حاجاته، كما أنها سبب عظيم من أسباب قوة المجتمع الإسلامي وتماسكه، ونصره وثباته على الدين الحق، قال الله تعالى: {الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }( )، وقال تعالى:{ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ* الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}( ).<br /> وتعرّف الزكاة بأنها حصة مقدرة من المال فرضها الله تعالى للمستحقين( )، الذين سماهم في كتابه الكريم حيث قال: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}( ).<br /> والجدير ذكره أن مكافآت نهاية الخدمة والراتب التقاعدي هي من القضايا المعاصرة التي لها مساس بتطبيق أحكام الزكاة، مما يستدعي بحث هذه المسألة للوصول إلى رأي فقهي، يساعد الموظفين في ديوان الخدمة، والعاملين في القطاع الخاص، في معرفة كيفية أداء زكاة أموالهم.</p> <p>ومن صور العدالة التي تحرص عليها الدول، إيجاد أنظمة شاملة لجميع مناحي الحياة المختلفة؛ الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، وذلك من خلال سن القوانين والأنظمة والتشريعات التي تؤمن الحياة الكريمة للموظفين وغيرهم من أبناء المجتمع.<br /> ومن ضمن هذه القوانين التي أقامتها هذه التشريعات، إقرار مبالغ مالية مقطوعة للعامل أو الموظف بعد انتهاء خدمته، وتسمى هذه المبالغ بمكافآت نهاية الخدمة، فيما ذهبت بعض الدول إلى إقرار رواتب شهرية للموظف أو العامل ما دام على قيد الحياة، أو لورثته بعد وفاته ضمن ضوابط، وهو ما يسمى بالرواتب التقاعدية.<br /> إن الرواتب التقاعدية ومكافأة نهاية الخدمة تساعد في تأمين الحياة الكريمة للعامل بعد طول عمره، كما أن هذه الموارد المالية تزيد في كثير من الأحيان عن الوعاء الزكوي، والنصاب المفروض على الأموال، وعليه فقد كانت الحاجة تدعو إلى معرفة الحكم الشرعي في هذه الأموال، أيجب فيها زكاة أم لا؟ وهل هذه الأموال تعتبر مالاً زكوياً إذا توفرت فيه شروط الزكاة؟<br /> ويسعى هذا البحث إلى استنباط الحكم الشرعي بمدى تحقق وجوب الزكاة في هذه الأموال التي يحصل عليها الموظف أو العامل في نهاية خدمته، أو بعد تقاعده، والوقت الذي تجب فيه، وسيسير هذا البحث وفق الخطة الآتية:<br /> المبحث الأول: يتحدث عن حقيقة مخصصات التقاعد والتوفير والمكافآت التي تدفع في نهاية الخدمة، ويتكون هذا المبحث من مطلبين:<br /> المطلب الأول: يبحث في حقيقة مخصصات التقاعد والتوفير، ويشمل فرعين، الأول: لمفاهيم مخصصات التقاعد والتوفير، والثاني: لطبيعة مكافأة التقاعد والتوفير.<br /> المطلب الثاني: يتعرض إلى ماهية المكافآت التي تدفع في نهاية الخدمة، ويشمل فرعين، الأول: لأنواع المكافآت التي تدفع في نهاية الخدمة، والثاني: للتكييف الفقهي للمكافآت التي تدفع في نهاية الخدمة.<br /> المبحث الثاني: يتحدث عن: مدى وجوب الزكاة في مخصصات التقاعد والتوفير، ومكافأة نهاية الخدمة، ويتكون من أربعة مطالب:<br /> المطلب الأول ويتكون من: مدى تحقق شروط الزكاة في مخصصات التقاعد والتوفير، ومكافأة نهاية الخدمة، ويشمل فرعين، الأول: لمدى تحقق الملك التام في مخصصات التقاعد والتوفير، ومكافأة نهاية الخدمة، والثاني: لمدى تحقق حولان الحول في مخصصات التقاعد والتوفير، ومكافأة نهاية الخدمة.<br /> المطلب الثاني: يتعرض إلى وقت وجوب الزكاة في هذه المخصصات والمكافآت.<br /> المطلب الثالث: يتحدث عن زكاة المبالغ المعجلة أو المقترضة من الرواتب التقاعدية.<br /> المطلب الرابع والأخير يتناول مسألة زكاة هذه المخصصات والمكافآت بالنسبة إلى الشركات قبل دفعها لمستحقيها.<br /> ثم انتهى البحث بخاتمة تضمنت أهم النتائج والتوصيات.<br /> سائلين العلي القدير أن يوفقنا في تحري الحق والأخذ بالصواب.</p>
<p>الحمد لله، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، والهادي إلى صراطه المستقيم، وعلى آله وصحبه، ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد؛<br /> فقد قال الله تعالى في محكم كتابه: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}( )، وقد ورد أنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذاً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ: «ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ»( ).<br /> لقد فرض الله سبحانه وتعالى على المسلمين فريضة الزكاة، وجعلها ركناً من أركان الإسلام، لحكم عظيمة وغايات نبيلة، تتمثل في تطهير النفوس وتزكيتها من الشح والبخل، وتعويدها على حب السخاء والعطاء، والبذل والإنفاق، كما أن فريضة الزكاة تنشر مبدأ التعاون والتكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع الإسلامي، لأن تقديم الزكاة من قبل الغني يعين الفقير، ويسد بعض حاجاته، كما أنها سبب عظيم من أسباب قوة المجتمع الإسلامي وتماسكه، ونصره وثباته على الدين الحق، قال الله تعالى: {الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }( )، وقال تعالى:{ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ* الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}( ).<br /> وتعرّف الزكاة بأنها حصة مقدرة من المال فرضها الله تعالى للمستحقين( )، الذين سماهم في كتابه الكريم حيث قال: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}( ).<br /> والجدير ذكره أن مكافآت نهاية الخدمة والراتب التقاعدي هي من القضايا المعاصرة التي لها مساس بتطبيق أحكام الزكاة، مما يستدعي بحث هذه المسألة للوصول إلى رأي فقهي، يساعد الموظفين في ديوان الخدمة، والعاملين في القطاع الخاص، في معرفة كيفية أداء زكاة أموالهم.</p> <p>ومن صور العدالة التي تحرص عليها الدول، إيجاد أنظمة شاملة لجميع مناحي الحياة المختلفة؛ الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، وذلك من خلال سن القوانين والأنظمة والتشريعات التي تؤمن الحياة الكريمة للموظفين وغيرهم من أبناء المجتمع.<br /> ومن ضمن هذه القوانين التي أقامتها هذه التشريعات، إقرار مبالغ مالية مقطوعة للعامل أو الموظف بعد انتهاء خدمته، وتسمى هذه المبالغ بمكافآت نهاية الخدمة، فيما ذهبت بعض الدول إلى إقرار رواتب شهرية للموظف أو العامل ما دام على قيد الحياة، أو لورثته بعد وفاته ضمن ضوابط، وهو ما يسمى بالرواتب التقاعدية.<br /> إن الرواتب التقاعدية ومكافأة نهاية الخدمة تساعد في تأمين الحياة الكريمة للعامل بعد طول عمره، كما أن هذه الموارد المالية تزيد في كثير من الأحيان عن الوعاء الزكوي، والنصاب المفروض على الأموال، وعليه فقد كانت الحاجة تدعو إلى معرفة الحكم الشرعي في هذه الأموال، أيجب فيها زكاة أم لا؟ وهل هذه الأموال تعتبر مالاً زكوياً إذا توفرت فيه شروط الزكاة؟<br /> ويسعى هذا البحث إلى استنباط الحكم الشرعي بمدى تحقق وجوب الزكاة في هذه الأموال التي يحصل عليها الموظف أو العامل في نهاية خدمته، أو بعد تقاعده، والوقت الذي تجب فيه، وسيسير هذا البحث وفق الخطة الآتية:<br /> المبحث الأول: يتحدث عن حقيقة مخصصات التقاعد والتوفير والمكافآت التي تدفع في نهاية الخدمة، ويتكون هذا المبحث من مطلبين:<br /> المطلب الأول: يبحث في حقيقة مخصصات التقاعد والتوفير، ويشمل فرعين، الأول: لمفاهيم مخصصات التقاعد والتوفير، والثاني: لطبيعة مكافأة التقاعد والتوفير.<br /> المطلب الثاني: يتعرض إلى ماهية المكافآت التي تدفع في نهاية الخدمة، ويشمل فرعين، الأول: لأنواع المكافآت التي تدفع في نهاية الخدمة، والثاني: للتكييف الفقهي للمكافآت التي تدفع في نهاية الخدمة.<br /> المبحث الثاني: يتحدث عن: مدى وجوب الزكاة في مخصصات التقاعد والتوفير، ومكافأة نهاية الخدمة، ويتكون من أربعة مطالب:<br /> المطلب الأول ويتكون من: مدى تحقق شروط الزكاة في مخصصات التقاعد والتوفير، ومكافأة نهاية الخدمة، ويشمل فرعين، الأول: لمدى تحقق الملك التام في مخصصات التقاعد والتوفير، ومكافأة نهاية الخدمة، والثاني: لمدى تحقق حولان الحول في مخصصات التقاعد والتوفير، ومكافأة نهاية الخدمة.<br /> المطلب الثاني: يتعرض إلى وقت وجوب الزكاة في هذه المخصصات والمكافآت.<br /> المطلب الثالث: يتحدث عن زكاة المبالغ المعجلة أو المقترضة من الرواتب التقاعدية.<br /> المطلب الرابع والأخير يتناول مسألة زكاة هذه المخصصات والمكافآت بالنسبة إلى الشركات قبل دفعها لمستحقيها.<br /> ثم انتهى البحث بخاتمة تضمنت أهم النتائج والتوصيات.<br /> سائلين العلي القدير أن يوفقنا في تحري الحق والأخذ بالصواب.</p>
Description
Keywords
Citation