نقوش الثوب الفلسطيني ونقوش قبة الصخرة في القدس جذور مشتركة لحضارة واحدة

dc.contributor.authorد. مروان العلان
dc.date.accessioned2017-05-03T09:34:15Z
dc.date.available2017-05-03T09:34:15Z
dc.date.issued2012-10-08
dc.description.abstract<p>تشكّل الأمم حضارتها في سياق ممارستها لحياتها اليومية، وتبتكر من صنوف الفنون والثقافة ما يعتبر امتداداً رأسياً لتلك الحياة وغطاء حضارياً يختزن إنتاجها ليصبح في سيرورة تلك الحياة رافداً أساسياً هاماً لوجودها واستمرارها وتطورها.<br /> وحين تبتكر الأمة رمزاً من الرموز، فإنما تهدف من وراء ذلك إلى أن يقوم الرمز بالتعبير المكثّف عن مقولاتها وفلسفتها ثم تقوم الأمة بدورها عبر وسائل التواصل لديها بتعميم هذا الرمز على كل مرافق وجودها، العامة والخاصة، بدءاً من وجدان أبنائها وليس انتهاءً بجدران قبورهم وشواهد عباداتهم مروراً بملابسهم وآنيتهم وحليّ نسائهم، بحيث يصبح الرمز من مرور الأيام واعتياد الناس عليه جزءا من وجودهم الحيوي، ومكوّناً من مكوّنات حضارتهم، بل ودليلاً مؤشّراً على هويّتهم الثقافية.<br /> والرمز، بما هو تكثيف لمجموعة من الأفكار وتجسيد لها في إشارات مرئية أو مسموعة تتمظهر في صور محسوسة أو إشارات مسموعة، يتكوّن من مجموعة من المفردات والأجزاء والتفاصيل، منها ما هو بذاته ومنها ما هو بغيره، كطريقة تركيب المفردات وتكوين كل مفردة وألوانها والعلاقة التي تتشكّل من تجاور هذه المفردات أو تقاطعها أو تداخلها، إضافة للمعنى الفكري الفلسفي الكامن خلف هذه المفردة أو تلك، سواء كانت وحدها أو في علاقة مع مفردة أخرى مجاورة أو متقاطعة أو متداخلة معها وبها.<br /> ولا تزال الأمم تختار رموزها، بل وتتوسع في ذلك حفاظاً منها على موروثها ولربط أبنائها بهذه الرموز التي تتكون منها هويتهم ورؤيتهم للحياة والكون والآلهة التي يؤمنون بها. ولو تأملنا التاريخ المرئي المرسوم على جدران الشواهد الحضارية والآثار الباقية من الأمم الأخرى لوجدنا ما لا يعدّ ولا يحصى من هذه الرموز والشعارات المرتبطة بمعتقدات تلك الأمم ونظرتها للحياة وفلسفتها حول الوجود المحيط، بما في ذلك فكرة الموت وما بعده. وما تزال الدول المعاصرة في نشأتها وتطوّرها، نجدها تنتج رموزها وتضع أفكارها وفلسفاتها وما تؤمن به في إشارات تقوم بنشرها وتعميمها على كافة أبناء شعبها. ولننظر في دول العالم المعاصر كيف أن لكل دولة علماً وشعاراً ونشيداً وطنياً، بل وتضع لكل مؤسسة فيها شعاراً ورمزاً، ويتخذ كل حزب أو مجموعة سياسية أو ثقافية شعاراً وإشارات للدلالة على نشاطاته وتوجهاته.<br /> في فلسطين، ونتيجة للتطورات التي مرّت بها القضية الفلسطينية وتنوّع التوجهات الفكرية والفلسفية التي تسكن وجدان أبنائها وتصوراتهم نجد من الرموز والشعارات الكثير، فإذا أضفنا إلى ذلك ما يتضمنه الموروث الفلسطيني من رؤى وتصورات تناقلتها الأجيال لوجدنا من الرموز أيضاً ما يفوق الحصر خصوصاً مع الغنى والتنوّع الذي تركته الأمم الأخرى العابرة وهي تحاول إخضاع المنطقة لنفوذها وسيطرتها، بل وثقافتها كذلك.<br /> في هذا البحث التفاتة نحو عنصرين من عناصر الثقافة لفلسطينية، كلاهما حمل إرثاً طويلاً من الرموز الحضارية وتنوّعاً جميلاً في تعبيراته وإشاراته: الأول شاهد حضاري ما زال قائماً تتغيّر هويته حسب الدولة التي تسيطر على المكان، وتترك فيها بصمتها الفنية الحضارية، حيث تجد فيه رموزاً لحضارات هي الأقدم كالحضارات البيزنطية والسومرية والبابلية والساسانية والمسيحية والإسلامية؛ إنه قبة الصخرة في القدس التي ارتبطت بكل تلك الحضارات وترك أبناؤها على جدرانها الداخلية والخارجية رموزهم وإشاراتهم، قبل أن تأتي الدولة العثمانية فتزيل كل تلك النقوش عن الجداران الخارجية وتستبدله بالقيشاني التركي المصنوع في مدينة «بلكهية» التركية المشهورة بهذه الصناعة، في حين بقيت جدرانها الداخلية، سواء جدران المثمن الداخلي أو البناء الدائري المحيط بالصخرة والذي تقوم عليه القبة كلها على ما هي عليه من فسيفساء. هذا مع عدم الخوض في الخلاف بين المؤرخين حول تاريخ المكان والناس الذين بنوه.<br /> أما الثاني فهو شاهد حضاري آخر، لكنه مرتبط بالحياة اليومية للمرأة الفلسطينية، وما زالت نقوشه وتطريزات زينته تحمل ذات الرموز والإشارات الموروثة عن الحضارات التي مرّت بالمنطقة كذلك، وما زالت النسوة في فلسطين ينقلن التجربة الفنية للثوب النسائي الفلسطيني جيلاً بعد جيل.<br /> يحاول البحث هنا التنقيب عن الجذور الحضارية الأولى لكلا العنصرين الحضاريين الفلسطينيين في مقارنة لتلك الرموز التي حملها العنصران كلاهما، للوصول إلى نتيجة هامّة هي وحدة الجذر الحضاري لكليهما ما يشير إلى أن المنطقة استوعبت العديدمن الحضارات التي مرّت بها وتمثلّت رموزها ودمجتها في ثقافتها المحلية وجعلتها جزءا من تكوينها الحضاري اللاحق.<br /> تكمن أهمية هذا البحث في كونه يربط بين شاهدين حضاريين لا زالا قائمين يؤديان دورهما في حياة الفلسطينيين، ويكشف البحث كذلك، عن رؤية حضارية موحّدة أنتجتهما في أزمنة قديمة ووحدّت بين رموزهما، كما يكشف عن التفاعل الحضاري الذي عاشته فلسطين مع الأمم الأخرى التي عبرت المنطقة وأقامت فيها ردحاً من الزمن وتركت فيها بعض رموزها وشذرات من حضارتها على كلا العنصرين الحضاريين.<br /> وقد كان الشعب الفلسطيني أميناً على تلك الرموز والشذرات، فاستخدمها وجدّد فيها ما تناسب مع تطوّره دون الإخلال بالقيمة الحضارية لكل رمز، وعلى الرغم من أن معتقدات الفلسطينيين تغيّرت من فترة لأخرى، تبعاً لتغيّر الموجات الحضارية التي هبّت على المنطقة، وتغيّر أنظمة الحكم ذات التوجهات الثقافية والسياسية المختلفة ، إلا أن الإنسان الفلسطيني لم يتنكر لكل تلك الرموز معتبراً إياها جزءا من هويته الحضارية وثقافته الموروثة، بل وصارت مصدر اعتزازه ودرع حمايته.<br /> اعتمد البحث المنهج الوصفي القائم على تحليل مفردات الرموز والإشارات الموجودة على جدران قبة الصخرة من الداخل وتلك الموجودة على الثوب النسائي الفلسطيني مما لا زال يحمل طابعا حضارياً ذا علاقة بتلك الحضارات التي عبرت المكان وأقامت فيه فترة من الزمن مستبعداً الرموز والنقوش المعاصرة التي أضيفت لاحقاً بسبب الظروف السياسية.</p>en
dc.description.abstract<p>تشكّل الأمم حضارتها في سياق ممارستها لحياتها اليومية، وتبتكر من صنوف الفنون والثقافة ما يعتبر امتداداً رأسياً لتلك الحياة وغطاء حضارياً يختزن إنتاجها ليصبح في سيرورة تلك الحياة رافداً أساسياً هاماً لوجودها واستمرارها وتطورها.<br /> وحين تبتكر الأمة رمزاً من الرموز، فإنما تهدف من وراء ذلك إلى أن يقوم الرمز بالتعبير المكثّف عن مقولاتها وفلسفتها ثم تقوم الأمة بدورها عبر وسائل التواصل لديها بتعميم هذا الرمز على كل مرافق وجودها، العامة والخاصة، بدءاً من وجدان أبنائها وليس انتهاءً بجدران قبورهم وشواهد عباداتهم مروراً بملابسهم وآنيتهم وحليّ نسائهم، بحيث يصبح الرمز من مرور الأيام واعتياد الناس عليه جزءا من وجودهم الحيوي، ومكوّناً من مكوّنات حضارتهم، بل ودليلاً مؤشّراً على هويّتهم الثقافية.<br /> والرمز، بما هو تكثيف لمجموعة من الأفكار وتجسيد لها في إشارات مرئية أو مسموعة تتمظهر في صور محسوسة أو إشارات مسموعة، يتكوّن من مجموعة من المفردات والأجزاء والتفاصيل، منها ما هو بذاته ومنها ما هو بغيره، كطريقة تركيب المفردات وتكوين كل مفردة وألوانها والعلاقة التي تتشكّل من تجاور هذه المفردات أو تقاطعها أو تداخلها، إضافة للمعنى الفكري الفلسفي الكامن خلف هذه المفردة أو تلك، سواء كانت وحدها أو في علاقة مع مفردة أخرى مجاورة أو متقاطعة أو متداخلة معها وبها.<br /> ولا تزال الأمم تختار رموزها، بل وتتوسع في ذلك حفاظاً منها على موروثها ولربط أبنائها بهذه الرموز التي تتكون منها هويتهم ورؤيتهم للحياة والكون والآلهة التي يؤمنون بها. ولو تأملنا التاريخ المرئي المرسوم على جدران الشواهد الحضارية والآثار الباقية من الأمم الأخرى لوجدنا ما لا يعدّ ولا يحصى من هذه الرموز والشعارات المرتبطة بمعتقدات تلك الأمم ونظرتها للحياة وفلسفتها حول الوجود المحيط، بما في ذلك فكرة الموت وما بعده. وما تزال الدول المعاصرة في نشأتها وتطوّرها، نجدها تنتج رموزها وتضع أفكارها وفلسفاتها وما تؤمن به في إشارات تقوم بنشرها وتعميمها على كافة أبناء شعبها. ولننظر في دول العالم المعاصر كيف أن لكل دولة علماً وشعاراً ونشيداً وطنياً، بل وتضع لكل مؤسسة فيها شعاراً ورمزاً، ويتخذ كل حزب أو مجموعة سياسية أو ثقافية شعاراً وإشارات للدلالة على نشاطاته وتوجهاته.<br /> في فلسطين، ونتيجة للتطورات التي مرّت بها القضية الفلسطينية وتنوّع التوجهات الفكرية والفلسفية التي تسكن وجدان أبنائها وتصوراتهم نجد من الرموز والشعارات الكثير، فإذا أضفنا إلى ذلك ما يتضمنه الموروث الفلسطيني من رؤى وتصورات تناقلتها الأجيال لوجدنا من الرموز أيضاً ما يفوق الحصر خصوصاً مع الغنى والتنوّع الذي تركته الأمم الأخرى العابرة وهي تحاول إخضاع المنطقة لنفوذها وسيطرتها، بل وثقافتها كذلك.<br /> في هذا البحث التفاتة نحو عنصرين من عناصر الثقافة لفلسطينية، كلاهما حمل إرثاً طويلاً من الرموز الحضارية وتنوّعاً جميلاً في تعبيراته وإشاراته: الأول شاهد حضاري ما زال قائماً تتغيّر هويته حسب الدولة التي تسيطر على المكان، وتترك فيها بصمتها الفنية الحضارية، حيث تجد فيه رموزاً لحضارات هي الأقدم كالحضارات البيزنطية والسومرية والبابلية والساسانية والمسيحية والإسلامية؛ إنه قبة الصخرة في القدس التي ارتبطت بكل تلك الحضارات وترك أبناؤها على جدرانها الداخلية والخارجية رموزهم وإشاراتهم، قبل أن تأتي الدولة العثمانية فتزيل كل تلك النقوش عن الجداران الخارجية وتستبدله بالقيشاني التركي المصنوع في مدينة «بلكهية» التركية المشهورة بهذه الصناعة، في حين بقيت جدرانها الداخلية، سواء جدران المثمن الداخلي أو البناء الدائري المحيط بالصخرة والذي تقوم عليه القبة كلها على ما هي عليه من فسيفساء. هذا مع عدم الخوض في الخلاف بين المؤرخين حول تاريخ المكان والناس الذين بنوه.<br /> أما الثاني فهو شاهد حضاري آخر، لكنه مرتبط بالحياة اليومية للمرأة الفلسطينية، وما زالت نقوشه وتطريزات زينته تحمل ذات الرموز والإشارات الموروثة عن الحضارات التي مرّت بالمنطقة كذلك، وما زالت النسوة في فلسطين ينقلن التجربة الفنية للثوب النسائي الفلسطيني جيلاً بعد جيل.<br /> يحاول البحث هنا التنقيب عن الجذور الحضارية الأولى لكلا العنصرين الحضاريين الفلسطينيين في مقارنة لتلك الرموز التي حملها العنصران كلاهما، للوصول إلى نتيجة هامّة هي وحدة الجذر الحضاري لكليهما ما يشير إلى أن المنطقة استوعبت العديدمن الحضارات التي مرّت بها وتمثلّت رموزها ودمجتها في ثقافتها المحلية وجعلتها جزءا من تكوينها الحضاري اللاحق.<br /> تكمن أهمية هذا البحث في كونه يربط بين شاهدين حضاريين لا زالا قائمين يؤديان دورهما في حياة الفلسطينيين، ويكشف البحث كذلك، عن رؤية حضارية موحّدة أنتجتهما في أزمنة قديمة ووحدّت بين رموزهما، كما يكشف عن التفاعل الحضاري الذي عاشته فلسطين مع الأمم الأخرى التي عبرت المنطقة وأقامت فيها ردحاً من الزمن وتركت فيها بعض رموزها وشذرات من حضارتها على كلا العنصرين الحضاريين.<br /> وقد كان الشعب الفلسطيني أميناً على تلك الرموز والشذرات، فاستخدمها وجدّد فيها ما تناسب مع تطوّره دون الإخلال بالقيمة الحضارية لكل رمز، وعلى الرغم من أن معتقدات الفلسطينيين تغيّرت من فترة لأخرى، تبعاً لتغيّر الموجات الحضارية التي هبّت على المنطقة، وتغيّر أنظمة الحكم ذات التوجهات الثقافية والسياسية المختلفة ، إلا أن الإنسان الفلسطيني لم يتنكر لكل تلك الرموز معتبراً إياها جزءا من هويته الحضارية وثقافته الموروثة، بل وصارت مصدر اعتزازه ودرع حمايته.<br /> اعتمد البحث المنهج الوصفي القائم على تحليل مفردات الرموز والإشارات الموجودة على جدران قبة الصخرة من الداخل وتلك الموجودة على الثوب النسائي الفلسطيني مما لا زال يحمل طابعا حضارياً ذا علاقة بتلك الحضارات التي عبرت المكان وأقامت فيه فترة من الزمن مستبعداً الرموز والنقوش المعاصرة التي أضيفت لاحقاً بسبب الظروف السياسية.</p>ar
dc.identifier.urihttps://hdl.handle.net/20.500.11888/8867
dc.titleنقوش الثوب الفلسطيني ونقوش قبة الصخرة في القدس جذور مشتركة لحضارة واحدةen
dc.titleنقوش الثوب الفلسطيني ونقوش قبة الصخرة في القدس جذور مشتركة لحضارة واحدةar
dc.typeOther
Files
Original bundle
Now showing 1 - 1 of 1
Loading...
Thumbnail Image
Name:
nqwsh-lthwb-lflstyny-wnqwsh-qb-lskhr-fy-lqds-jdhwr-mshtrk-lhdr-whd.pdf
Size:
339.4 KB
Format:
Adobe Portable Document Format
Description: