التعليم الالكتروني المتزامن مفهومه، اهميته، اثره على توجهات المعلمين والطلبة نحو التعليم والتعلّم

Thumbnail Image
Date
2011-05-04
Authors
حلمي رؤوف حمدان
محمد شاهين
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
Abstract
<p>المقدمة والاطار النظري<br /> خلال السنوات الماضية اصبح الانترنت أكبر شبكة اتصالات بين الناس والمؤسسات على مستوى العالم أجمع، وتزداد هذه الأهمية من لحظة لأخرى بديناميكية لا يمكن تخيلها، فتحول العالم بحق الى قرية صغيرة، فيمكننا الدخول الى كل المكتبات الالكترونية في اي منطقة في العالم، واصبح بامكاننا اجراء الاتصال الصوتي والمرئي بكل سهولة ويسر، اضافة الى تصفح الصحف العالمية، وهذا ابقانا دائما في قلب الحدث في العالم، نعرف ما يدور من كبير او صغير.<br /> اما بالنسبة للاقتصاد فاصبح مكشوفا للجميع، حركة الاسهم والسندات، البورصات المحلية والعالمية، الاعلان والبيع والشراء، ولعل من الامور المهمة في الاقتصاد الالكتروني من وجهة نظري ما يتعلق بالتعليم الالكتروني، فكثيرة هي المواقع التعليمية المنشرة على الشبكة العنكبوتية، وكثر هم الذين يرتادون تلك المواقع والمنتديات، اما السؤال الذي يطرح نفسه هنا: كيف بالامكان الاستفادة من الانترنت في مجال التعليم؟ وهل يختلف التعليم الالكتروني عن ما يسمى التعليم الالكتروني المتزامن؟<br /> فالتعليم الالكتروني عبارة عن مجموعة العمليات المرتبطة بالتعليم التي تتم عبر الإنترنت، مثل الحصول على المعلومات ذات الصلة بالمادة الدراسية. ومن يعتقد أن الأمر يقتصر على أن يقوم المعلم بإبلاغ التلميذ الموجود في مكان آخر عبر جهاز الكمبيوتر بما يجب أن يقوم به من واجبات، ثم يعيدها هذا الطالب إلى معلمه بعد الإجابة عنها، من يظن ذلك فإنه لم يدرك بعد جوهر هذه العملية. إذ إن التعليم الإلكتروني لا يعني مجرد استغلال الإمكانات التقنية المتاحة فحسب، بل هو عبارة عن ثورة في عالم التعليم، فعلى سبيل المثال: إذا قامت مجموعة مدارس في بلدان مختلفة بإقامة شبكة اتصال بينها عن طريق الإنترنت، وكان التلاميذ في هذه المدارس يدرسون جميعًا موضوعًا مشتركًا، هو جغرافيا المناخ في الأقاليم المختلفة من العالم، واستمر التلاميذ طوال عام دراسي يتبادلون المعلومات مع زملائهم في بقية أنحاء العالم حول المناخ ودرجات الحرارة في أيام محددة، ومعدلات الرطوبة، فإن الأمر سيصبح دون شك أكثر تشويقًا، لأن المعلومات تأتيهم من منبعها الأول، من أترابهم، علاوة على الشعور بأهمية المعلومات التي يتوصلون إليها اعتمادًا على تجاربهم الذاتية، وقياساتهم الفعلية لبقية زملائهم في أنحاء العالم. وهذا النوع من الدروس سيكون نابضًا بالحياة، ويؤدي إلى توسيع معلوماتهم ويجعلها أكثر تركيزًا، إضافة إلى أن الاتصال عن طريق كاميرات الإنترنت والاتصال المباشر مع زملائهم يؤدي إلى تنمية معرفتهم باللغات الأجنبية ان كانوا من بلدان مختلفة اللغة، و سيتعرفون على ثقافات بعضهم و عاداتهم ، والتعرف على أنماط معيشية مخالفة لحياتهم، مما يثري الحصص بدراسة بعد اجتماعي، ويساعد على زيادة التفاهم بين الحضارات والثقافات المختلفة.<br /> إلى جانب ذلك فإن الاتصال بين المعلمين من مختلف القارات، وكيفية تقويمهم للتلاميذ، وطرق التعليم المستخدمة وتقبل التلاميذ للمادة من عدمه، كل ذلك سيؤدي إلى توسيع أفق العاملين في القطاع التربوي، ويحقق فوائد لا يمكن تحقيقها من خلال الدورات التربوية والتعليمية التقليدية التي تهدف إلى الرقي بمستوى المعلمين، كما أن ربط المدارس بالمؤسسات الأخرى ذات الصلة بالعملية التربوية مثل المكتبات والمتاحف، يؤدي إلى فتح آفاق تربوية وتعليمية جديدة أمام الصف الدراسي، حيث يمكن الاستماع إلى محاضرة قيمة عن تاريخ أحد العصور، مع استعراض الآثار الموجودة في متحف ما، دون مغادرة الصف، وتتوفر بذلك أيضًا إمكانية الاطلاع على الكتب الموجودة في المكتبات الإلكترونية، دون حاجة للاستعارة، ولا مراعاة أوقات دوام العاملين في المكتبة. وفي عالم اليوم كثير من النماذج الأخرى التي تجعل الدرس أكثر تشويقًا، وأقرب للواقع.<br /> ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل القضية هنا هي مجرد جعل الدرس أكثر تشويقًا للتلاميذ، وأسهل على المعلمين؟ هناك إجماع بين العلماء والسياسيين في جميع أنحاء العالم على أن فجوة الغد لن تكون بين الأغنياء والفقراء، بل بين الفاعلين في مجال العالم الإلكتروني، وبين المتلقين لهذا الفعل، بين أناس يقررون خيارات الاتصال المناسبة لمصالحهم، وآخرين يلتزمون بما يمليه عليهم هؤلاء، وليس أمامهم من بديل سوى الاستسلام.<br /> وإذا كانت الشركات قد توصلت منذ فترة طويلة إلى قناعة بأنها دون الدخول في خضم العالم الجديد، فإنها تصبح عاجزة عن البقاء، ويكون مصيرها الإفلاس والزوال، فإن الأمر نفسه يجب أن يصبح بديهيًا بالنسبة لقطاع التربية والتعليم، والمقصود هنا هو أن يحتل التعليم الإلكتروني في أنظمة التعليم المدرسي ما وصلت إليه الهندسة الإلكترونية في القطاع الاقتصادي، حين أدركت المؤسسات الاقتصادية أنها جزء من كيان اقتصادي ضخم عملاق، ولم تعد مؤسسات مستقلة قائمة بذاتها .<br /> إن المتغيرات السريعة المستمرة والعلم المتلاحق الأنفاس الذي يظهر المعلومات على الإنترنت فور التوصل إليها، والقدرة على التعامل مع جميع أنحاء العالم، وفي خلال لحظات خاطفة، كل تلك الميزات أصبحت علامة وشعارًا يميزان المؤسسات الحديثة. وإذا ما قارنا كل تلك المتغيرات مع الصورة التقليدية للطالب القابع في صفه، يقرأ من كتاب مدرسي يحوي مادة علمية عمرها عدة سنوات، ومعلم يشرح له الدرس بأمثلة من تجاربه الشخصية عمرها عشرات السنين، فإننا نشعر أننا ننظر داخل متحف تعلو آثاره طبقات من الغبار.<br /> وفي حين توصلت المؤسسات الاقتصادية إلى قناعة بأن دورات تنمية معارف موظفيها تتم عن طريق العالم الإلكتروني، وأصبحت تطبق ذلك بصورة متنامية، بحيث لم تعد هناك حاجة للبحث عن مكان في دورة تدريبية تتناسب مواعيدها مع بقية الالتزامات الشخصية، وأصبحت أماكن الدراسة متوفرة دائمًا، وفي كل وقت من الليل أو النهار يستطيع الموظف الحصول على المعلومات والمذاكرة، والاختبار والحصول على الشهادة. وصحيح أن المؤسسات الاقتصادية توفر بذلك أموالاً ضخمة، كانت تضيع بسبب تغيب بعض الموظفين عن العمل للمشاركة في هذه الدورة، وتعيين آخرين ينوبون عنهم، إلا أنها مضطرة في الوقت نفسه إلى ضخ مبالغ باهظة أخرى، للحصول على برامج تتناسب مع احتياجاتهم الفعلية.<br /> وبينما نجد الكثير من الجامعات والمعاهد العليا العريقة في بريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية، قد افتتحت أقسامًا للدراسات الحديثة عن طريق الإنترنت، -و التجربة المشرفة لجامعة بيرزيت في اقامة قناة اتصال عرفت باسم ريتاج للتواصل مع الطلبة في فترة الاجتياح الاسرائيلي عندما اعاد احتلال المدن الفلسطينية في العام 2002، هذه القناة التي انجزت في فترة قياسية، انقذت الفصل من الضياع و تم انجازه باقل الخسائر، الى ان تطورت الفكرة واصبحت وسيلة اتصال فعالة بين الطلبة والجامعة في المعاملات الطلابية المختلفة بينهم وبين الادارة وبينهم وبين المعلمين و بين المعلمين والادارة، - فإن هذا لا يعني أن كل هذا التطور كان نتيجة ميل وإقبال من جانب أساتذة الجامعة على هذا النوع من الدراسة، بل بناء على تفكير موضوعي بعدم جدوى إغماض العين عن التطور المقبل لا محالة، التطور الإلكتروني الذي سيفرض هيمنته على كل شيء.<br /> وتجرى الآن عملية انتقال من أنماط التدريس التقليدية إلى التدريس باستخدام الكمبيوتر بدون الاعتماد على الإنترنت والاكتفاء بالأقراص المدمجة، أو باستخدام شبكة الإنترنت، بحيث يمكن للطالب تخزين المعلومات الضرورية على الكمبيوتر الشخصي، وتصفحها في وقت لاحق، مع إتاحة فرص الاتصال إلكترونيًا (بالبريد الإلكتروني) مع المشرف عليه (المعلم)، ومع زملائه من الطلاب، ومناقشتهم فيما لم يفهم، وعرض وجهة نظره في مسألة ما، من خلال الحديث في قاعات درس افتراضية أو ما يعرف بـ(غرف الدردشة) المخصصة لذلك، والمنفصلة عن غيرها. وإذا اقتضى الأمر يتم تحديد أوقات معينة للتخاطب بين جميع الأطراف بصورة فورية، ودون انتظار اطلاع الفرد على بريده الإلكتروني.<br /> إلا أن تنفيذ هذه العمليات يحتاج إلى خبرة في التعامل مع هذه التقنيات الحديثة، إضافة إلى البعد النفسي، والمقصود هنا قدرة الفرد –الطالب-) على تنظيم الوقت بمفرده، والالتزام بالمذاكرة دون ضغط خارجي، واحترام القيم الأخلاقية في استعمال الإنترنت، والقدرة على تحديد الحاجة من الإنترنت دون الخوض في تفاصيل لا تعنيه، علاوة على البعد الصحي، المتمثل في الاهتمام بارتفاع المقعد، وحجم شاشة الكمبيوتر وتعويد العين البقاء فترة طويلة أمام الشاشة، وتمارين لتدريب الأصابع على الكتابة... إلخ، كل هذه الأشياء يجب أن يتعلمها الأطفال منا نحن التربويين، والواجب علينا نحن توفير المناعة الكافية لدى طلابنا ضد الأضرار التي يمكن أن يتسبب فيها التعليم الإلكتروني، ومساعدتهم على معرفة الحدود الواجب الالتزام بها عند الخوض في العالم الكوني الرقمي، وتأكيد أن مهمتهم لا تنحصر في فهم ما يتعلق بالإنترنت، بل أن يتعلموا النقد والسؤال المستمر عن الجدوى والفائدة وحساب الخسارة، ويبقى السؤال الضروري أمام أعينهم: من المستفيد إذا فعلت ذلك؟ بحيث يزول الاعتقاد الخاطئ بأن العالم من حولنا موجود لخدمتنا فحسب.<br /> وعند هذه النقطة نجدنا نعود من جديد للبعد الاقتصادي في التعليم الإلكتروني، لنؤكد أنه من البديهي ألا نسعى لأن تصبح المدرسة معملاً لتوفير احتياجات القطاع الاقتصادي. لكني أعتقد أن بعض المخاوف التي يثيرها الكثيرون مبالغ فيها، وليس لها مبررات قوية تدعمها، ويعرب الرافضون للتعليم الإلكتروني عن خشيتهم من أن يصبح المعلم قادرًا على تدريس 50 أو 500 طالب في الوقت نفسه، وبذلك تختفي المدارس بشكلها الحالي. ويتناسى هؤلاء أن التدريس عبر الإنترنت أكثر تكلفة وتعقيدًا من التعليم التقليدي. فبغض النظر عن التجهيزات التقنية اللازمة، وما تتطلبه من مبالغ باهظة، فإن تأهيل المعلمين للقيام بهذه المهمات المتعددة والمعقدة يقتضي دراسة أكثر شمولاً، وبالتالي أطول زمنًا، وأكثر تكلفة.<br /> وبنظرة فاحصة إلى سوق الاستثمار في مجال التعليم عبر الشبكة، نلاحظ أنه في ازدهار وتنافس مستمر، فكثير من الشركات تستثمر بشكل واسع في مشروعات التعليم عبر شبكة الإنترنت. وهنالك شركات كبيرة تتأهب لدخول معترك الاستثمار في التعليم عبر الإنترنت و التي قد تصل الى تمويل جامعة على الشبكة. وهنالك المئات من المشاريع التعليمية الكبيرة التي تنوي الشركات تنفيذها عبر شبكة الإنترنت مما يبشر بعصر معلوماتي جديد يكون التعليم هو الغالب فيه.<br /> في منتصف العام 2010 اعلنت وحدة الابداع في التعليم في مركز التعليم المستمر لجامعة بيرزيت عن مشروع بحثي يتم تطويره حول الصناعات القائمة على المعرفة وبالتحديد التعليم الالكتروني المتزامن، بالفعل شاركت في هذا المشروع الذي بدانا به تحديدا في شهر تموز 2010 واستمر التدريب حتى نهاية العام، خلال المشروع اصابتني حالة من الذهول، وقلب الموازين والمفاهيم، التعليم الالكتروني لا يعني كا ما ذكرته سالفا، فبذلك المعنى لا يخرج من بوتقة التعليم التقليدي، فبدلا من طباعة الكتب المدرسية فهي موجودة على الموقع الالكتروني، وبدلا من استخدام الاوراق في حل الواجبات، فهي موجودة على البريد الالكتروني، .....الخ، اما ما تعمق في ذهني هو التعليم الالكتروني المتزامن الذي يعني ان اكون مع الطلبة في نفس الوقت وفي اماكن مختلفه –كل في بيته- اشرح لهم الدرس واتفاعل ويتفاعلون معي، نستخدم طرقا حديثة في التعليم، نبث الروح في الرياضيات والعلوم، لتصبح متحركة من الواقع والحياة والبيئة، نضع الطلبة في مواقف حقيقية، نكلفهم بمهمات لينجزوها، نعبر لهم عن مشاعرنا وهم ايضا يعبرون، نعلمهم و يعلمون انفسهم وبعضهم بعضا.<br /> ومن هنا فالتطور التكنولوجي والعلمي، يضع التربية امام تحديات كبيرة لتمكين الطلبة من مواجهة التحديات ومتطلبات الحياة اليومية، فالطالب لا يحتاج فقط الى المعرفة، بل ايضا الى مهارات الاتصال وحل المشكلات والتفكير النقدي والابداعي، ليستطيع ركب موجة هذا العالم المتطور (Zakaria &amp;Iksan, 2006).</p>
<p>المقدمة والاطار النظري<br /> خلال السنوات الماضية اصبح الانترنت أكبر شبكة اتصالات بين الناس والمؤسسات على مستوى العالم أجمع، وتزداد هذه الأهمية من لحظة لأخرى بديناميكية لا يمكن تخيلها، فتحول العالم بحق الى قرية صغيرة، فيمكننا الدخول الى كل المكتبات الالكترونية في اي منطقة في العالم، واصبح بامكاننا اجراء الاتصال الصوتي والمرئي بكل سهولة ويسر، اضافة الى تصفح الصحف العالمية، وهذا ابقانا دائما في قلب الحدث في العالم، نعرف ما يدور من كبير او صغير.<br /> اما بالنسبة للاقتصاد فاصبح مكشوفا للجميع، حركة الاسهم والسندات، البورصات المحلية والعالمية، الاعلان والبيع والشراء، ولعل من الامور المهمة في الاقتصاد الالكتروني من وجهة نظري ما يتعلق بالتعليم الالكتروني، فكثيرة هي المواقع التعليمية المنشرة على الشبكة العنكبوتية، وكثر هم الذين يرتادون تلك المواقع والمنتديات، اما السؤال الذي يطرح نفسه هنا: كيف بالامكان الاستفادة من الانترنت في مجال التعليم؟ وهل يختلف التعليم الالكتروني عن ما يسمى التعليم الالكتروني المتزامن؟<br /> فالتعليم الالكتروني عبارة عن مجموعة العمليات المرتبطة بالتعليم التي تتم عبر الإنترنت، مثل الحصول على المعلومات ذات الصلة بالمادة الدراسية. ومن يعتقد أن الأمر يقتصر على أن يقوم المعلم بإبلاغ التلميذ الموجود في مكان آخر عبر جهاز الكمبيوتر بما يجب أن يقوم به من واجبات، ثم يعيدها هذا الطالب إلى معلمه بعد الإجابة عنها، من يظن ذلك فإنه لم يدرك بعد جوهر هذه العملية. إذ إن التعليم الإلكتروني لا يعني مجرد استغلال الإمكانات التقنية المتاحة فحسب، بل هو عبارة عن ثورة في عالم التعليم، فعلى سبيل المثال: إذا قامت مجموعة مدارس في بلدان مختلفة بإقامة شبكة اتصال بينها عن طريق الإنترنت، وكان التلاميذ في هذه المدارس يدرسون جميعًا موضوعًا مشتركًا، هو جغرافيا المناخ في الأقاليم المختلفة من العالم، واستمر التلاميذ طوال عام دراسي يتبادلون المعلومات مع زملائهم في بقية أنحاء العالم حول المناخ ودرجات الحرارة في أيام محددة، ومعدلات الرطوبة، فإن الأمر سيصبح دون شك أكثر تشويقًا، لأن المعلومات تأتيهم من منبعها الأول، من أترابهم، علاوة على الشعور بأهمية المعلومات التي يتوصلون إليها اعتمادًا على تجاربهم الذاتية، وقياساتهم الفعلية لبقية زملائهم في أنحاء العالم. وهذا النوع من الدروس سيكون نابضًا بالحياة، ويؤدي إلى توسيع معلوماتهم ويجعلها أكثر تركيزًا، إضافة إلى أن الاتصال عن طريق كاميرات الإنترنت والاتصال المباشر مع زملائهم يؤدي إلى تنمية معرفتهم باللغات الأجنبية ان كانوا من بلدان مختلفة اللغة، و سيتعرفون على ثقافات بعضهم و عاداتهم ، والتعرف على أنماط معيشية مخالفة لحياتهم، مما يثري الحصص بدراسة بعد اجتماعي، ويساعد على زيادة التفاهم بين الحضارات والثقافات المختلفة.<br /> إلى جانب ذلك فإن الاتصال بين المعلمين من مختلف القارات، وكيفية تقويمهم للتلاميذ، وطرق التعليم المستخدمة وتقبل التلاميذ للمادة من عدمه، كل ذلك سيؤدي إلى توسيع أفق العاملين في القطاع التربوي، ويحقق فوائد لا يمكن تحقيقها من خلال الدورات التربوية والتعليمية التقليدية التي تهدف إلى الرقي بمستوى المعلمين، كما أن ربط المدارس بالمؤسسات الأخرى ذات الصلة بالعملية التربوية مثل المكتبات والمتاحف، يؤدي إلى فتح آفاق تربوية وتعليمية جديدة أمام الصف الدراسي، حيث يمكن الاستماع إلى محاضرة قيمة عن تاريخ أحد العصور، مع استعراض الآثار الموجودة في متحف ما، دون مغادرة الصف، وتتوفر بذلك أيضًا إمكانية الاطلاع على الكتب الموجودة في المكتبات الإلكترونية، دون حاجة للاستعارة، ولا مراعاة أوقات دوام العاملين في المكتبة. وفي عالم اليوم كثير من النماذج الأخرى التي تجعل الدرس أكثر تشويقًا، وأقرب للواقع.<br /> ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل القضية هنا هي مجرد جعل الدرس أكثر تشويقًا للتلاميذ، وأسهل على المعلمين؟ هناك إجماع بين العلماء والسياسيين في جميع أنحاء العالم على أن فجوة الغد لن تكون بين الأغنياء والفقراء، بل بين الفاعلين في مجال العالم الإلكتروني، وبين المتلقين لهذا الفعل، بين أناس يقررون خيارات الاتصال المناسبة لمصالحهم، وآخرين يلتزمون بما يمليه عليهم هؤلاء، وليس أمامهم من بديل سوى الاستسلام.<br /> وإذا كانت الشركات قد توصلت منذ فترة طويلة إلى قناعة بأنها دون الدخول في خضم العالم الجديد، فإنها تصبح عاجزة عن البقاء، ويكون مصيرها الإفلاس والزوال، فإن الأمر نفسه يجب أن يصبح بديهيًا بالنسبة لقطاع التربية والتعليم، والمقصود هنا هو أن يحتل التعليم الإلكتروني في أنظمة التعليم المدرسي ما وصلت إليه الهندسة الإلكترونية في القطاع الاقتصادي، حين أدركت المؤسسات الاقتصادية أنها جزء من كيان اقتصادي ضخم عملاق، ولم تعد مؤسسات مستقلة قائمة بذاتها .<br /> إن المتغيرات السريعة المستمرة والعلم المتلاحق الأنفاس الذي يظهر المعلومات على الإنترنت فور التوصل إليها، والقدرة على التعامل مع جميع أنحاء العالم، وفي خلال لحظات خاطفة، كل تلك الميزات أصبحت علامة وشعارًا يميزان المؤسسات الحديثة. وإذا ما قارنا كل تلك المتغيرات مع الصورة التقليدية للطالب القابع في صفه، يقرأ من كتاب مدرسي يحوي مادة علمية عمرها عدة سنوات، ومعلم يشرح له الدرس بأمثلة من تجاربه الشخصية عمرها عشرات السنين، فإننا نشعر أننا ننظر داخل متحف تعلو آثاره طبقات من الغبار.<br /> وفي حين توصلت المؤسسات الاقتصادية إلى قناعة بأن دورات تنمية معارف موظفيها تتم عن طريق العالم الإلكتروني، وأصبحت تطبق ذلك بصورة متنامية، بحيث لم تعد هناك حاجة للبحث عن مكان في دورة تدريبية تتناسب مواعيدها مع بقية الالتزامات الشخصية، وأصبحت أماكن الدراسة متوفرة دائمًا، وفي كل وقت من الليل أو النهار يستطيع الموظف الحصول على المعلومات والمذاكرة، والاختبار والحصول على الشهادة. وصحيح أن المؤسسات الاقتصادية توفر بذلك أموالاً ضخمة، كانت تضيع بسبب تغيب بعض الموظفين عن العمل للمشاركة في هذه الدورة، وتعيين آخرين ينوبون عنهم، إلا أنها مضطرة في الوقت نفسه إلى ضخ مبالغ باهظة أخرى، للحصول على برامج تتناسب مع احتياجاتهم الفعلية.<br /> وبينما نجد الكثير من الجامعات والمعاهد العليا العريقة في بريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية، قد افتتحت أقسامًا للدراسات الحديثة عن طريق الإنترنت، -و التجربة المشرفة لجامعة بيرزيت في اقامة قناة اتصال عرفت باسم ريتاج للتواصل مع الطلبة في فترة الاجتياح الاسرائيلي عندما اعاد احتلال المدن الفلسطينية في العام 2002، هذه القناة التي انجزت في فترة قياسية، انقذت الفصل من الضياع و تم انجازه باقل الخسائر، الى ان تطورت الفكرة واصبحت وسيلة اتصال فعالة بين الطلبة والجامعة في المعاملات الطلابية المختلفة بينهم وبين الادارة وبينهم وبين المعلمين و بين المعلمين والادارة، - فإن هذا لا يعني أن كل هذا التطور كان نتيجة ميل وإقبال من جانب أساتذة الجامعة على هذا النوع من الدراسة، بل بناء على تفكير موضوعي بعدم جدوى إغماض العين عن التطور المقبل لا محالة، التطور الإلكتروني الذي سيفرض هيمنته على كل شيء.<br /> وتجرى الآن عملية انتقال من أنماط التدريس التقليدية إلى التدريس باستخدام الكمبيوتر بدون الاعتماد على الإنترنت والاكتفاء بالأقراص المدمجة، أو باستخدام شبكة الإنترنت، بحيث يمكن للطالب تخزين المعلومات الضرورية على الكمبيوتر الشخصي، وتصفحها في وقت لاحق، مع إتاحة فرص الاتصال إلكترونيًا (بالبريد الإلكتروني) مع المشرف عليه (المعلم)، ومع زملائه من الطلاب، ومناقشتهم فيما لم يفهم، وعرض وجهة نظره في مسألة ما، من خلال الحديث في قاعات درس افتراضية أو ما يعرف بـ(غرف الدردشة) المخصصة لذلك، والمنفصلة عن غيرها. وإذا اقتضى الأمر يتم تحديد أوقات معينة للتخاطب بين جميع الأطراف بصورة فورية، ودون انتظار اطلاع الفرد على بريده الإلكتروني.<br /> إلا أن تنفيذ هذه العمليات يحتاج إلى خبرة في التعامل مع هذه التقنيات الحديثة، إضافة إلى البعد النفسي، والمقصود هنا قدرة الفرد –الطالب-) على تنظيم الوقت بمفرده، والالتزام بالمذاكرة دون ضغط خارجي، واحترام القيم الأخلاقية في استعمال الإنترنت، والقدرة على تحديد الحاجة من الإنترنت دون الخوض في تفاصيل لا تعنيه، علاوة على البعد الصحي، المتمثل في الاهتمام بارتفاع المقعد، وحجم شاشة الكمبيوتر وتعويد العين البقاء فترة طويلة أمام الشاشة، وتمارين لتدريب الأصابع على الكتابة... إلخ، كل هذه الأشياء يجب أن يتعلمها الأطفال منا نحن التربويين، والواجب علينا نحن توفير المناعة الكافية لدى طلابنا ضد الأضرار التي يمكن أن يتسبب فيها التعليم الإلكتروني، ومساعدتهم على معرفة الحدود الواجب الالتزام بها عند الخوض في العالم الكوني الرقمي، وتأكيد أن مهمتهم لا تنحصر في فهم ما يتعلق بالإنترنت، بل أن يتعلموا النقد والسؤال المستمر عن الجدوى والفائدة وحساب الخسارة، ويبقى السؤال الضروري أمام أعينهم: من المستفيد إذا فعلت ذلك؟ بحيث يزول الاعتقاد الخاطئ بأن العالم من حولنا موجود لخدمتنا فحسب.<br /> وعند هذه النقطة نجدنا نعود من جديد للبعد الاقتصادي في التعليم الإلكتروني، لنؤكد أنه من البديهي ألا نسعى لأن تصبح المدرسة معملاً لتوفير احتياجات القطاع الاقتصادي. لكني أعتقد أن بعض المخاوف التي يثيرها الكثيرون مبالغ فيها، وليس لها مبررات قوية تدعمها، ويعرب الرافضون للتعليم الإلكتروني عن خشيتهم من أن يصبح المعلم قادرًا على تدريس 50 أو 500 طالب في الوقت نفسه، وبذلك تختفي المدارس بشكلها الحالي. ويتناسى هؤلاء أن التدريس عبر الإنترنت أكثر تكلفة وتعقيدًا من التعليم التقليدي. فبغض النظر عن التجهيزات التقنية اللازمة، وما تتطلبه من مبالغ باهظة، فإن تأهيل المعلمين للقيام بهذه المهمات المتعددة والمعقدة يقتضي دراسة أكثر شمولاً، وبالتالي أطول زمنًا، وأكثر تكلفة.<br /> وبنظرة فاحصة إلى سوق الاستثمار في مجال التعليم عبر الشبكة، نلاحظ أنه في ازدهار وتنافس مستمر، فكثير من الشركات تستثمر بشكل واسع في مشروعات التعليم عبر شبكة الإنترنت. وهنالك شركات كبيرة تتأهب لدخول معترك الاستثمار في التعليم عبر الإنترنت و التي قد تصل الى تمويل جامعة على الشبكة. وهنالك المئات من المشاريع التعليمية الكبيرة التي تنوي الشركات تنفيذها عبر شبكة الإنترنت مما يبشر بعصر معلوماتي جديد يكون التعليم هو الغالب فيه.<br /> في منتصف العام 2010 اعلنت وحدة الابداع في التعليم في مركز التعليم المستمر لجامعة بيرزيت عن مشروع بحثي يتم تطويره حول الصناعات القائمة على المعرفة وبالتحديد التعليم الالكتروني المتزامن، بالفعل شاركت في هذا المشروع الذي بدانا به تحديدا في شهر تموز 2010 واستمر التدريب حتى نهاية العام، خلال المشروع اصابتني حالة من الذهول، وقلب الموازين والمفاهيم، التعليم الالكتروني لا يعني كا ما ذكرته سالفا، فبذلك المعنى لا يخرج من بوتقة التعليم التقليدي، فبدلا من طباعة الكتب المدرسية فهي موجودة على الموقع الالكتروني، وبدلا من استخدام الاوراق في حل الواجبات، فهي موجودة على البريد الالكتروني، .....الخ، اما ما تعمق في ذهني هو التعليم الالكتروني المتزامن الذي يعني ان اكون مع الطلبة في نفس الوقت وفي اماكن مختلفه –كل في بيته- اشرح لهم الدرس واتفاعل ويتفاعلون معي، نستخدم طرقا حديثة في التعليم، نبث الروح في الرياضيات والعلوم، لتصبح متحركة من الواقع والحياة والبيئة، نضع الطلبة في مواقف حقيقية، نكلفهم بمهمات لينجزوها، نعبر لهم عن مشاعرنا وهم ايضا يعبرون، نعلمهم و يعلمون انفسهم وبعضهم بعضا.<br /> ومن هنا فالتطور التكنولوجي والعلمي، يضع التربية امام تحديات كبيرة لتمكين الطلبة من مواجهة التحديات ومتطلبات الحياة اليومية، فالطالب لا يحتاج فقط الى المعرفة، بل ايضا الى مهارات الاتصال وحل المشكلات والتفكير النقدي والابداعي، ليستطيع ركب موجة هذا العالم المتطور (Zakaria &amp;Iksan, 2006).</p>
Description
Keywords
Citation