التّنظيم القانونيّ لجريمة حيازة وتعاطي العقاقير المخدّرة "دراسة مقارنة"

Thumbnail Image
Date
2018-08-02
Authors
يحيى, منار جمال محمّد
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
جامعة النجاح الوطنية
Abstract
يُعد موضوع جرائم تعاطي المخدرات وحيازتها، من أهم الموضوعات التي تشغل حداثة التفكير، والتنسيب من الجهات التنفيذية والتشريعية والقضائية في فلسطين والدول محل المقارنة، لأن التحدث عن جرائم تعاطي وحيازة المخدرات تنبع من زاوية الأثر السلبي لتلك العقاقير المخدرة على النظام العام برمته، وتعد تلك النظرة مؤسسه لكافة القوانين في الوقت الراهن كون أن مقتضيات النظام العام تتأثر بعناصرها الثلاثة وهي: أولهما الصحة العامة، لما لتعاطي المخدرات أثر كبير في تدهور صحة الأفراد في المجتمع؛ كحدوث اضطرابات شديدة في القلب وحدوث التهابات في خلايا المخ وتآكلها، وثانيهما الآثار النفسية، التي تخلق حالة من الذعر والقلق والخوف وعدم السكينة العامة وتحول متعاطيها لشخص انطوائي يحب العزلة، وثالثهما تأثير المخدرات مجتمعياً، حيث ترتبط تعاطي المخدرات ارتباطاً وثيقاً بالجرائم، فكلما أزداد تعاطي المخدرات انتشاراً كلما شهد المجتمع زيادة في الجرائم سواء ما يقع على النفس أو على المال أو على العرض والشرف والاعتبار مما يُتَلْتَل الأمن العام أيضاً. إن المعيار الذي يمكن الاعتماد عليه في دراسة موضوع تعاطي المخدرات وحيازتها، يُجتلب من جدلية (الجهل والعلم) فالجهل أو عدم الدراية - إن جاز التعبير- في أثر الاستخدام الخاطئ للعقاقير المخدرة، فمنذ اكتشافها لأول مره سنة 2737 قبل الميلاد وأطلق على المخدرات حينها "واهبة السعادة ومخففة الأحزان" وغيرها من المسميات التي استخدمت حينها لكي تلقى هذه العقاقير المخدرة رواجاً لأهداف ذاتيه واقتصادية وسياسية وثقافية هدامة، تنبع بكل تأكيد من الجهل الفادح في آثارها التي قد تزول بعد الدوام على العلاج ولكن العبرة في زوال الجهل ومكوث العِلم والوعي بدلاً منه، كما قال الكاتب والأديب الصادق النيهوم: "الجهل مخدر دائم الأثر، إنه لا ينتهي مثل باقي المخدرات عند حد تدمير صاحبه بل يمد أذرعته الشنيعة لكي يدمر كل شيء حوله في جميع الجهات". إن مشكلة المخدرات متعددة الأبعاد، متداخلة العوامل، متشابكة التأثيرات، لذا فإن مواجهتها تتطلب تكاتف الجهود، وتعاون مختلف الاختصاصات، من أجل إنجاح جهود التصدي، وتفعيل عمليات المواجهة. ولهذا عدم الدراية في مشكلة تعاطي المخدرات لا تقتصر على المتعاطي، فقد تقع الدول في فخ عدم الدراية في كيفية وضع إستراتيجيات بديله لعلاج المتعاطي والوقاية من التعاطي، في ضمن نظام قانوني يسعى إلى الحفاظ على المتعاطي وسلامة صحته وماله، قادراً على إصلاحه نفسياً بغرض دمجه في المجتمع كعنصر بنّاء لا هدّام، وذلك ضمن أسس المساواة في حق الحصول على العلاج من تعاطي المخدرات، دون تمييز بين متعاطي وآخر تبعاً للدين أو اللغة أو المركز الاجتماعي أو العرق واللون، فتقع كثيراً من الدول الكبرى في عنصرية العلاج من تعاطي العقاقير المخدرة، وهذا ما صرح به في العام الحالي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (بأنّ مشكلة تعاطي المواد شبه الأفيونية باتت تشكّل حالة طوارئ وطنية في الولايات المتحدة، وكان ما دفعنا إلى هذا التصريح في المقام الأول، الوفيات المرتبطة بتعاطي المواد شبه الأفيونية، التي كانت الأغلبية الساحقة منها من بين إخوتنا وأخواتنا من البيض، وتعهد الرئيس ترامب ببذل الكثير من الوقت والجهد والمال لحل أزمة تعاطي المواد شبه الأفيونية). فعلاج متعاطي المخدرات حق وواجب على أيّة دولة أن توفره له ، ونرى ذلك في القرار بقانون رقم (26) لسنة (2018م) بتعديل القرار بقانون رقم (18) لسنة (2015م) بشأن مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية الفلسطيني النافذ بأنه جاء منصفاً لجهة علاج متعاطي المخدرات والنظر إليهم كمرضى لهم الحق الكامل في العلاج سواء في المراكز الحكومية أو الخاصة، ولكن على الرغم من هذا القرار بقانون الذي يتضمن في نصوصه على حق المتعاطي في العلاج، إلا أنه على أرض الواقع ولغاية الآن لم يتم إنشاء مصحات حكومية من الممكن أن تعالج تلك الحالات التي تتعاطى أنواع مختلفة وجديدة، باستثناء وجود مركز صحي وحيد في فلسطين يسمى "مركز علاج بالبدائل" لا يعالج إلا من يتعاطون الكوكايين والهيروين (بالحقن) فقط. ولا بد أن نشير هنا إلى كيفية علاج المتعاطين أو المدمنين من المخدرات وهي: أولهما مرحلة الانسحاب (التخلص من المخدر بالجسم بمنع المادة المخدرة عن المريض) ،وثانيهما العلاج الدوائي (إعطاء المريض العقاقير الطبية اللازمة لحالته)، وثالثهما العلاج النفسي (نظراً لما يسببه تعاطي المخدرات من حالة نفسية سيئة واكتئاب وميول انتحارية)، ورابعهم العلاج الجماعي(وهي جلسات يحددها الطبيب المعالج للمريض مع مرضى آخرين ويشرح كل منهم حالته وكيف أن التعاطي دمرَ حياته السابقة ، وما هي أهدافه من العلاج، وماذا ينوي أن يفعل بعد الشفاء التام من التعاطي أو الإدمان). وبعد الانتهاء من العلاج يجب متابعة المريض لعدم حدوث انتكاسة ، كأن يعود للمخدر مرةً أخرى. إن الواقع العملي والنظري بحاجة ماسة إلى هذه الأُطروحة، كونها تشكل حلقة وصل ما بين المشرع والجهات التنفيذية، فهي ناقشت ما تم إقراره من قوانين وقرارات بالقانون بشأن المخدرات والمؤثرات العقلية، وعملت على إبراز أهم المشكلات العملية فيما يتعلق بعمل الجهات التنفيذية كإدارة مكافحة المخدرات ذات الاختصاص الأصيل، مرتكزة على القرارات القضائية التي شكلت سوابق قضائية، من تفريد التجريم والإجراءات السابقة على وقوع الجريمة متصلة في جمع الاستدلالات، وكيفية التصرف فيها وصولاً إلى القبض وتفتيش الأشخاص والمساكن، وكذلك صدور الحكم وطرق الطعن فيه.
Description
Keywords
Citation
Collections