العاهات وأثرها في أحكام إجهاض الجنين( دراسة فقهية مقارنة).

Thumbnail Image
Date
2019-04-16
Authors
دخيل مراد, د.باسم
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
Abstract
خلق الله سبحانه وتعالى الانسان ليكون خليفته في الارض وتجل من تجلياته بل اظهر هذه التجليات فقد ورد في الدعاء (يامن في الافاق آياته) وفيه اشارة الى قوله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ} , قال السبزواري: (( ان في التعبير بالايات اشارة الى ان عالم الافاق كتاب تكويني له كالكتاب التدويني)) , وقال الغزالي: ((كل ما في الوجود سوى الله تعالى فهو تصنيف الله تعالى وصنعته)) كما ان الطريق الى معرفة الله يمر عبر معرفة النفس لذا قال النبي صلى الله عليه واله وسلم ( من عرف نفسه فقد عرف ربه) وعليه فان الانسان عموما احد تجليات الله عز وجل. اما مقام تصدي الانسان للخلافة الالهية فهو يظهر اهليته لتحمل هذه المهمة التي اول ما اخبر الله الملائكة عنها مما اثارت تساؤلهم {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} . فملاكات هذه الخلافة ابعد من مرتبة التسبيح والتحميد والتقديس واعمق منها فهي ترتكز على تضمن الانسان قوى اخرى تجعل منه في مرتبة مختلفة عن مرتبة الملائكة فيما لو استطاع ان يقهر القوى الغضبية والشهوية في نفسه. من جهة اخرى فقد تحمل الانسان الامانة الالهية الثقيلة التي تخاذلت السموات والارض والجبال امام القيام بمسؤوليتها ولم تقو على حملها فيما تعهد الانسان بها وتحمل اعباءها وقد نوه القران الكريم الى هذا الاستعداد في قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} . لقد ذهب المفسرون في مسالة التلقي هذه الى اقوال متقاربة يجمعها قولهم إنّ المراد بالامانة التي يتحملها الانسان هي التعهّد والإلتزام وقبول المسؤولية ,ولاشك ان هذا نوع تكريم خص الله الانسان به دون غيره من المخلوقات حتى صرح القران الكريم به في قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} . امر اخر ينبغي التوقف عنده يتعلق بسعادة الانسان وشقائه وتحديد هذه الوجهة له في مرحلة مبكرة من حياته حيث دلت الاخبار على ان مستقبل هذا الانسان من جهة السعادة والشقاء سوف يتحدد مع بدايات تكوينه الاولى وقد وردت هذه الروايات من طريق فرق المسلمين الشيعة والسنة ومن هذه الروايات ماجاء في تفسير الإمام العسكري(عليه السلام) عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): إنّ النطفة تثبت في الرحم أربعين يوماً نطفة، ثمّ تصير علقة أربعين يوماً، ثمّ مضغة أربعين يوماً، ثمّ بعده عظماً، ثمّ يكسى لحماً، ثمّ يلبس الله فوقه جلداً، ثمّ ينبت عليه شعراً، ثمّ يبعث الله عزّوجلّ إليه ملك الأرحام ويقال له: اُكتب أجله وعمله ورزقه وشقيّاً يكون أو سعيداً ـ وقريب منه ماورد في الصحيحين عن عبد اللّه بن مسعود عن رسول الله قوله :إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات‏:‏ يكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد‏.‏ حتى ان صاحب الابانة افرد بابا لهذه المسالة سماه: ((باب الإيمان بأن السعيد والشقي من سعد أو شقي في بطن أمه ومن رد ذلك فهو من الفرق الهالكة)) . وقد التفت أئمة المسلمين وعلماؤهم الى ما في هذه الروايات من حيث ترتب الجبر عليها وعدم الاختيار فاستفاضوا بالاجابة عنها ومن ذلك جواب الامام موسى بن جعفر لاحد المستفهمين عن دلالة هذه الرواية الواردة عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فقال عليه السلام: ((الشقي من علم الله وهو في بطن أمه أنه سيعمل أعمال الاشقياء، والسعيد من علم الله وهو في بطن أمه أنه سيعمل أعمال السعداء)) . ان عناصر الارتباط بين ماذكرناه وبين موضوع البحث لايخفى على متأمل لان الايات والروايات تتحدث في مقام الخلافة عن مطلق الانسان لا عن انسان بمواصفات خاصة من الطول والعرض ولون البشرة والقدرة الجسدية كما ان درجات القرب والمعرفة بالخالق سبحانه ليست من الامور المحسوسة التي تقاس بالمكاييل والموازين ثم انه لم يرد نص من القران او السنة يثبت ان الانسان كلما كان طويلا كان اكثر معرفة بالله او كلما كان صحيح الجسم سليم البنية كانت علاقته برب الناس اوثق واعمق. من هنا يلزم النظر الى هذه القضايا بوصفها عناصر تفاعل في حقيقة دور الانسان وحقه في الحياة هذا لحق الممنوح من الله للجميع فهو وحده الذي يعلم سعادة الانسان وشقاءه مرضه وبرأه سلامته واعاقته وبها ندخل الى بحث الاجهاض اذ نعرضه بمبحثين اولهما يتناول عموم الاجهاض من جهة دلالاته النظرية والاجرائية ودواعيه واسبابه ومآلاته والمبحث الثاني يدرسه من الجهة الفقهية ويتتبع اقوال الفقهاء في المسالة.
Description
Keywords
Citation