العَمَلُ المُؤَسَّسِيُّ فِي لَجْنَةِ تَحْفِيظِ القُرْآنِ الكَرِيمِ التَّابِعَةِ لِلَجْنَةِ زَكَاةِ نَابْلِس المَرْكَزِيَّةِ وَاقِعٌ وَتَحَدِّيَاتٌ

Thumbnail Image
Date
2019-03-31
Authors
مهدي الشكعة, كريم
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
Abstract
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً ﷺ عبده ورسوله ثم أما بعد: أنزل الله القرآن على نبيه محمد ﷺ، وتكفل بحفظه إلى يوم الدين، قال تعالى:" إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" ، وأكرم الله ثلة من عباده بالاصطفاء لتنفيذ وعده بحفظ القرآن في العالمين، قال تعالى:" ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ" ، فكان مشوار حفظ القرآن الكريم، والتسابق لنيل شرف هذا الاصطفاء العظيم، فانطلق المسلمون في شتى بقاع الأرض يحفظون القرآن الكريم ويحفّظونه للناس من حولهم طمعاً بهذا الفضل الكبير. وقد اهتمت الأمة منذ بعثة نبيها محمد ﷺ وإلى يومنا هذا بحفظ القرآن الكريم وتحفيظه، ورأت فيه شرفاً وفضلاً، فالله سبحانه جعل أهل القرآن هم أهله وخاصته، فقد قال النبي ﷺ: " إن لله - تعالى - أهلين من الناس، قالوا: يا رسول الله من هم؟ قال: هم أهل القرآن، أهل الله وخاصته " ، وجعل الحفظة المهرة مع السفرة الكرام البررة، ففي الحديث: "مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام، ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده وهو عليه شديد فله أجران" ، وجعل لصاحب القرآن منزلة علية يوم القيامة، حيث قال ﷺ: "يقال لصاحب القرآن: اقرأ و ارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا؛ فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها " . وقد حذرنا الله سبحانه من تضييع أمانة القرآن بعد حفظه، فقال سبحانه:" وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ* وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ۚ ذَّٰلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ" ، وقال النبي ﷺ: "والقرآن حجة لك أو عليك" . كما حذرنا ﷺ من حفظه لنرائي به الناس أشد التحذير فقال في حديث أول من تسعر بهم النار يوم القيامة:" وَرَجُلٌ تَعَلّمَ العِلْمَ وَعَلّمَهُ وَقَرَأَ القُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلّمْتُ العِلْمَ وَعَلّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ القُرْآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ وَلَكِنّكَ تَعَلّمْتَ العِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ القُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِىءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَىَ وَجْهِهِ حَتّىَ أُلْقِيَ فِي النّارِ" . ويعود مشوار تحفيظ كتاب الله في فلسطين إلى أطهر بقاعها وأشرفها وأغلاها، إلى المسجد الأقصى المبارك، وإلى قبة موسى تحديداً، والتي كانت أول دار لتحفيظ القرآن الكريم في فلسطين ، وانطلقت دور القرآن بعدها في فلسطين لتعم شتى مساحاتها، مستعينة بالله ومتوكلة عليه. ومن هذه الغراس الطاهرة الكريمة التي اعتنت بتحفيظ كتاب الله تعالى في أرض فلسطين، لجنة تحفيظ القرآن الكريم التابعة للجنة زكاة نابلس المركزية ، هذا الغرس الكريم اليانع من غراس الخير في مدينة نابلس، والذي أينعت ثماره على مدى أكثر من ثلاثين عاماً، حتى لا تكاد تجد عائلة من عائلات هذه المدينة إلا وفيها من حفظ القرآن الكريم أو شيئاً منه من خلاله، هذا الصرح القرآني الشامخ الذي ظل عنواناً للتربية بالحكمة والموعظة الحسنة، وجمع بين حفظ القرآن الكريم وتجويده وفهم معانيه. وقد أحببت أن أسلط الضوء في هذا البحث المتواضع الذي عنونته بـ:"العمل المؤسسي في لجنة تحفيظ القرآن الكريم التابعة للجنة زكاة نابلس المركزية واقع وتحديات" على هذه التجربة الفريدة السبّاقة في الإدارة المؤسساتية لحلقات القرآن الكريم. وسأركز في هذا البحث بصورة رئيسة على طبيعة العمل المؤسسي في لجنة تحفيظ القرآن الكريم الخاصة بالذكور، والذي كان له الأثر البالغ في نجاح هذه المؤسسة، وقد قمت بتقسيم البحث إلى عدة مباحث:
Description
Keywords
Citation