التطهير العرقي: كفعل استعماري استيطاني متعدد الدلالات والأبعاد

Thumbnail Image
Date
2013-11-26
Authors
الباحث: أحمد عز الدين أسعد
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
Abstract
<p>تشير الروايات التاريخية التي تسرد تاريخ المستعمَر والمستعمِر إلى العديد من السياسات الكولونيالية، التي ينسخها المستعمِر عن مستعمِرين آخرين سبقوه في فعل الاستعمار والاستيطان، مثل التشابه بين الاستعمار الاوروبي للأمريكيتين والاستعمار الصهيوني لفلسطين. (لقد) شهد التاريخ الإنساني المعاصر أبشع الإبادات الجماعية بحق الهنود الحمر السكان الشرعيين للقارة الأمريكية على يد المستعمِرين الأوروبيين البيض، فالإبادة الجماعية للهنود الحمر كانت إبادة جسدية فيزيائية لهذا العرق، وإبادة جنسية أنهت ديمومة التناسل وتعاقب الأجيال لهذا العرق، وإبادة ثقافية شملت لغة الهنود الحمر وثقافتهم وتراثهم الروحي والإنساني. تجدر الإشارة في هذا المقام أن مهندسي الإبادة الجماعية بأبعادها ووجوها المتعددة خرجوا من رحم القارة الأوربية البيضاء في القرن الثالث عشر الميلادي، تحديداً في العقد الأخير من القرن الثالث عشر(1495) هذا التاريخ حمال دلالات متعددة فهو عام سقوط الدولة العربية في الأندلس وخروج العرب منها، وعام طرد اليهود المزراحيم من شبه جزيرة إبيريا، وعام انطلاق حملة الاستعمار الأوروبي للاستيطان، أو بما يسمى في التاريخ حملة الكشوف الجغرافية أو فتح العالم الجديد. خروج اليهود من اسبانيا واشتداد حملة الاضطهاد الديني والسياسي التي مارستها الكنيسة بحق اليهود، بالإضافة إلى رؤية اليهود لأنفسهم وللأخر في المجتمعات الأوروبية، الرؤية التي تنطلق من فكرة الاستعلاء والانعزال؛ خلقت بلبلة سياسية وثقافية واجتماعية في المجتمعات الأوروبية. هذه الأمور أدت إلى طرح مشروع الاستنارة الذي يهدف إلى دمج اليهود في المجتمعات الأوروبية في الدول القومية الناشئة والصاعدة في القرن السابع عشر وما تلاه، لم يحقق مشروع الاستنارة الأوروبية غاياته، بل فشل، وارتكبت الإبادات الدينية بحق اليهود في معسكر اشوفيتس وحدثت واقعة الهولوكوست بحق اليهود. في تلك الأثناء وقبل حادثة الهولوكوست كان هناك نشاط كثيف للحركة الصهيونية التي أخذت على عاتقها إنشاء وطن قومي لليهود، من ثم حسمت أمرها لعدد من الأسباب في اختيار فلسطين لتنفيذ المشروع الاستيطاني. انطلقت الحركة الصهيونية من فرضية وخطاب "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض؛" عملت الحركة الصهيونية على تكثيف الهجرة الصهيونية  إلى فلسطين وصهينة الهجرة، وأقامت اليشوف والمستعمرات الزراعية منذ عام 1878 (مستعمرة بيتح تكفا الزراعية). مروراً بالانتداب البريطاني ووعد بلفور ومشروع التقسيم كانت هناك عملية تطهير مكاني من خلال شراء الأراضي والبيوت، مع بدء انسحاب الاستعمار البريطاني عن فلسطين وقبل انتهاء الانتداب بقليل أيضاً، شرعت الآلة الصهيونية الكولونيالية في عملية تطهير عرقي بحق الشعب الفلسطيني، أدى هذا الفعل الاستعماري الاستيطاني متعدد الدلالات والأبعاد إلى تشتيت الشعب الفلسطيني والانقضاض على الحداثة الفلسطينية وليدة التشكل وإعاقة صيرورتها، النكبة كحدث مؤسس ومؤثر في التاريخ والمخيال الفلسطيني، نجمت عن عملية التطهير العرقي للمجتمع الفلسطيني ما زالت أثارها تتردد وتولد تطاهير استعمارية أخرى، أو ما يسميه إلياس خوري "بالنكبة المستمرة،" فالنكبة لم تنتهِ عام 1948 والتطهير العرقي والإبادة للمجتمع الفلسطيني لم تتوقف عام 1948، فالتطهير العرقي يحمل دلالات وأبعاد متعددة مازلت تفتك في بنيان المجتمع الفلسطيني.</p>
Description
Keywords
Citation